رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله).
وإلى قوله صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد حين قتل من قال لا إله إلا الله إذ أهوى إليه بالسيف ظنه قالها تعوذا، والقرائين قوية على هذه الظن كما يعلم من تفصيل القصة، (يا أسامة أقتلته بعد أن قال لا إله إلا الله أشققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟) ولم يعتذر أسامة بأنه إنما عنى توحيد الربوبية، وهو غير كاف في الدخول في الإسلام وحقن الدم به ولم يعن توحيد العبادة، ففي ذلك كله وغيره مما لم نذكره أبين البيان.
لأن القول بأحد التوحيدين قول بالآخر، وإنما جر هذا المبتدع ومن انخدع بأباطيله هذه أنه لم يحقق معنى العبادة شرعا كما يدل عليه استقراء موارد هذه اللفظة في كلام الله تعالى ورسوله صلى الله تعالى عليه وسلم، فظن أن التوسل برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وسائر الصالحين والاستغاثة بهم مع استقرار القلب على أنهم أسباب لا استقلال لهم بنفع ولا ضر وليس لهم من الربوبية شئ ولكن الله جعلهم مفاتيح لخيره ومنابع لبره وسحبا يمطر منها على عباده أنواع خيره، ظن أن ذلك وما إليه من الشرك المخرج عن الملة.
ومن أرفقه التوفيق وفارقه الخذلان ونظر في المسألة نظر الباحث المنصف علم يقينا لا تخالطه ريبة أن مسمى العبادة شرعا لا يدخل فيه شئ مما عده من توسل واستغاثة وغيرهما، بل لا يشتبه بالعبادة أصلا فإن كل ما يدل على التعظيم لا يكون من العبادة إلا إذا اقترن به اعتقاد الربوبية لذلك المعظم أو صفة من صفاتها الخاصة بها. ألا ترى الجندي يقوم بين يدي رئيسه ساعة وساعات احتراما له وتأدبا معه فلا يكون هذا القيام عبادة للرئيس شرعا ولا لغة، ويقوم المصلي بين يدي ربه في صلاة بضع دقائق أو بعضها قدر ما يقرأ الفاتحة فيكون هذا القيام عبادة شرعا، وسر ذلك إن هذا القيام وإن قلت مسافته مقترن باعتقاد القائم ربوبية من قام له، ولا يقارن ذاك القيام هذا الاعتقاد إ ه.