التوسل بالنبي (ص) وجهلة الوهابيون - أبي حامد بن مرزوق - الصفحة ١٧
بصير، فلا تناقض لصدق النقيضين فيه لعدم قبوله لهما على البدلية، وكما يقال في الباري أيضا: لا فوق ولا تحت، وقس على ذلك إ ه‍.
وقال الشيخ أبو حفص الفاسي في حواشي الكبرى: لا شك أن المعتقد هو أن الله تعالى سبحانه ليس في جهة، وقد أوضح الأئمة تقريره في الكتب الكلامية بما لا مزيد عنه، فهو سبحانه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا متصلا به ولا منفصلا عنه، وتوهم أن في هذا رفعا للنقيضين وهو محال، باطل، إذ لا تناقض بين داخل وخارج، وإنما التناقض بين داخل ولا داخل وليس خارج مساويا للداخل وإنما هو أخص منه، فلا يلزم من نفيه نفيه لأن نفي الأخص أعم من نفي الأعم، والأعم لا يستلزم الأخص.
فإن قيل بم ينفرد هذا الأعم الذي هو داخل عن الأخص الذي هو خارج. قلنا: ينفرد في موجود لا يقبل الدخول ولا الخروج ولا اتصال ولا انفصال، وهذا يحمله العقل ولكن يقصر عنه الوهم، وقصور الوهم منشأ الشبهة ومثار دعوى الاستحالة إ ه‍.
احتجاج ابن تيمية على إثبات الجهة الله تعالى وقد احتج ابن تيمية على إثبات الجهة لله تعالى مقلدا سلفه المجسمة بقوله تعالى حكاية عن فرعون: (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا)، وقد ذكر ذلك في رسالته التي نقضها عصريه أحمد بن يحيى الكلابي مجملا فقال العلامة المذكور رادا عليه:
ليت شعري كيف فهم من كلام فرعون أن الله تعالى فوق السماوات وفوق العرش، أما أن إله موسى في السماوات فما ذكره، وعلى تقدير فهم ذلك من كلام فرعون فكيف يستدل بظن فرعون مع إخبار الله تعالى عنه بأنه زين له سوء عمله وأنه حاد عن سبيل الله وأن كيده في ضلال، مع أنه لما سأل موسى عليه الصلاة والسلام بقوله: (وما رب العالمين) لم يتعرض موسى للجهة بل لم يذكر إلا أخص الصفات وهي القدرة على الاختراع ولو كانت الجهة ثابتة لكان التعريف بها أولى الإشارة الحسية من أقوى
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»