بعد اعترافه بإحداث بعض التابعين لها دعوى على الجم الغفير من علماء الإسلام بعدم علمهم بالنهي عن الكتابة على القبور، وقد نقل العلامة ابن عرفة كلام الحاكم هذا وسلمه هو وتلميذه الحافظ البرزلي وابن ناجي، وتعقبه أيضا بعض الشيوخ قائلا لا يسلم له ذلك، لأن أئمة المسلمين لم يفتوا بالجواز ولا أوصوا أن يفعل ذلك بقبورهم بل تجد أكثرهم يفتي بالمنع ويكتب ذلك في تصنيفه، وغاية ما يقال إنهم يشاهدون ذلك ولا ينكرون ومن أين لنا أنهم يرون ذلك ولا ينكرون وهم ينصون في كتبهم وفتاويهم على المنع إ ه.
وذكر المالكية في كتبهم أن الحافظ أبا بكر بن العربي ضعف في عارضته رواية النهي عن الكتابة على القبر قائلا: إن النهي الوارد في ذلك لما لم يكن من طريق صحيحة تسامح الناس فيه ولا فائدة فيه إلا تعليم القبر إ ه.
وتعقب كلام الحافظ الحاكم أيضا العلامة ابن حجر في تحفته بقوله: " ويرد بمنع هذه الكلية وبفرضها فالبناء على قبورهم أكثر من الكتابة عليها في المقابر المسبلة كما هو مشاهد لا سيما بالحرمين ومصر ونحوها وقد علموا بالنهي عنه فكذا هي ".
فإن قلت: هذا إجماع فعلي وهو حجة = كما صرحوا به =، قلت: ممنوع، بل هو أكثري فقط إذ لم يحفظ ذلك حتى عن العلماء الذين يرون منعه وبفرض كونه إجماعا فعليا فمحل حجيته كما هو ظاهر إنما هو عند صلاح الأزمنة بحيث ينفذ فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد تعطل ذلك منذ أزمنة إ ه.
* * *