هو الاعتذار الذي وضع صاحب المنار فوقه الخطوط المستطيلة ليكون عذر الوهابية بارزا جليا للأنظار. ومن يكون أساس مذهبهم ومحوره الذي يدور عليه كفر المسلمين وشركهم واستحلال أموالهم ودمائهم وسبي ذراريهم. وكتبهم مشحونة بالتصريح بذلك وقد طبع منها الألوف، ألا يخجلون من إنكاره والتبري منه بعبارة هي إقرار به ولئن صح عنهم قولهم عن النبي " ص " إنه طارش ومضى وإنه رمة في قبره وعصا أحدنا أنفع له منه أو لم يصح، فجعلهم قبر النبي " ص " وثنا وتعظيمه والتبرك به شركا ومنعهم من زيارته أو من شد الرحال إليها وغير ذلك لا يقصر عن هذا القول ومعتقده لا يستبعد منه قول ذلك.
وممن رام ستر ذلك والتملص منه عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب فإنه قال في الرسالة الثانية من رسائل الهدية السنية (1): فإن قال منفر عن قبول الحق: يلزم من قطعكم إن من قال يا رسول الله أسألك الشفاعة، أنه مشرك مهدور الدم، أن يقال بكفر غالب الأمة لا سيما المتأخرين لتصريح علمائهم أن ذلك مندوب وشنوا الغارة على المخالف.
قلت لا يلزم لأن لازم المذهب ليس بمذهب كما لا يلزم أن نكون مجسمة وأن قلنا بجهة العلو، ونقول فيمن مات: تلك أمة قد خلت ولا نكفر إلا من بلغته دعوتنا وقامت عليه الحجة وأصر مستكبرا معاندا كغالب من نقاتلهم اليوم وغير الغالب إنما نقاتله لمناصرته لمن هذه حاله ونعتذر عمن مضى بأنهم مخطئون معذورون والإجماع في ذلك ممنوع قطعيا ومن شن الغارة فقد غلط ولا بدع فقد غلط من هو خير منه عمر بن الخطاب في مسألة المهر فلما نبهته المرأة رجع بل غلط الصحابة والنبي بينهم فقالوا اجعل لنا ذات أنواط. ثم قال: فإن قلت هذا فيمن ذهل فلما نبه انتبه، فكيف بمن حرر الأدلة وعرف كلام الأئمة وأصر حتى مات؟! قلت: ولا مانع أن نعتذر له ولا نقول بكفره لعدم من يناضل في هذه المسألة في وقته بلسانه وسيفه وسنانه فلم تقم عليه الحجة بل الغالب على زمن المؤلفين المذكورين التواطؤ على هجر كلام أئمة السنة في ذلك رأسا، ومن اطلع عليه أعرض عنه، ولم تزل أكابرهم تنهي أصاغرهم عن النظر في ذلك، وقد رأى معاوية وأصحابه منابذة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقتاله وهم مخطئون بالإجماع واستمروا على الخطأ حتى ماتوا، ولم يكفرهم أحد من السلف ولا فسقهم بل أثبتوا لهم أجر الاجتهاد.