تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٢٧
وغيره يقف وظهره إلى القبلة ووجهه إلى الحظيرة وهو قول ابن حنبل واستدلت الحنفية بأن ذلك جمع بين عبادتين وقول أكثر العلماء استقبال القبلة عند السلام وهو الأحسن والأدب فإن الميت يعامل معاملة الحي والحي يسلم عليه مستقبلا فكذلك الميت وهذا لا ينبغي أن يتردد فيه (وقوله) إن أكثر العلماء قالوا يستقبله عند السلام خاصة التقييد بقوله خاصة يطلب بنقله بل مقتضى كلام أكثر العلماء من الشافعية والمالكية والحنابلة الاستقبال عند السلام والدعاء وذكر النقل في استقبال القبلة عن أبي حنيفة رحمه الله ليس في المشهور من كتب الحنفية بل غالب كتبهم ساكتة عن ذلك وقد قدمنا عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال جاء أيوب السختياني فدنا من قبر النبي صلى الله عليه وسلم فاستدبر القبلة وأقبل بوجهه إلى القبر وقال إبراهيم الحربي في مناسكه تولى ظهرك القبلة وتستقبل وسطه يعني القبر ذكره الآجري عنه في كتاب الشريعة وذكر السلام والدعاء (قوله) ولم يقل أحد من الأئمة أنه يستقبل القبر عند الدعاء إلا في حكاية مكذوبة تروى عن مالك ومذهبه بخلافها وأما إنكاره ذلك عن أحد من الأئمة فقد قدمنا عن أبي عبد الله السامري الحنبلي صاحب كتاب المستوعب في مذهب أحمد أنه قال بجعل القبر تلقاء وجهه والقبلة خلف ظهره والمنبر عن يساره وذكر كيفية السلام والدعاء إلى آخره وظاهر ذلك أنه يستقبل القبر في السلام والدعاء جميعا وهكذا أصحابنا وغيرهم إطلاق كلامهم يقتضي أنه لا فرق في استقبال القبر بين حالتي السلام والدعاء وكذا ما قدمناه الآن عن إبراهيم الحربي وقد صرح أصحابنا بأنه يأتي القبر الكريم فيستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر ويبعد من رأس القبر نحو أربع أذرع فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يتأخر صوب يمينه فيسلم على أبي بكر رضي الله عنه ثم يتأخر أيضا فيسلم على عمر رضي الله عنه ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»