تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١٢٥
أن حقيقة النفي خبر لا يقتضي تحريما ولا كراهة والنهي له معنيان أحدهما هو فيه حقيقة وهو التحريم والآخر هو فيه مجاز وهو الكراهة فإذا صرف النفي عن حقيقته الخبرية إلى معنى النهي احتمل أن يستعمل في التحريم أو الكراهة وأياما كان فاستعماله فيه مجاز لأن الخبر غير موضوع له فإن رجح استعماله في التحريم لبعض المرجحات كان ذلك من باب ترجيح بعض المجازات على بعض وقد يكون ذلك الترجيح معارضا بترجيح آخر فلأبي محمد أن يمنع كون اللفظ المذكور حقيقة في التحريم أو ظاهرا فيه فإن الخبر ليس مستعملا في لفظ النهي بل في معناه ومعناه منقسم إلى الحقيقي والمجازي فإن قيل النهي النفساني شئ واحد وهو طلب الترك الجازم المانع من النقيض وما سواه ليس بنهي حقيقة فإذا ثبت أن المراد بالخبر النهي ثبت التحريم قلنا حينئذ يمنع أن المراد بالخبر النهي (وقوله) إن ما ذكروه من الأحاديث في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها ضعيفة باتفاق أهل العلم بالحديث بل هي موضوعة لم يرو أحد من أهل السنن المعتمدة شيئا منها قد بينا بطلان هذه الدعوى في أول هذا الكتاب ما روي عن مالك من كراهة قوله زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم بينا مراده في الباب الرابع (وقوله) ولو كان هذا اللفظ مشروعا عندهم الخ كلام في غير محل النزاع لأن النزاع ليس في اللفظ ولم يسئل عنه وإنما هو في المعنى وما ذكره عن أحمد وأبي داود ومالك في الموطأ فكله حجة عليه لا له لأن المقصود معنى الزيارة وهو حاصل من تلك الآثار وأما حديث لا تتخذوا قبري عيدا فقد تقدم الكلام عليه وحديث لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يدل على مدعاه لأنا لم نتخذه مسجدا فإن أراد قياس الزيارة عليه فقد سبق الكلام في ذلك (وقوله) فهم دفنوه في حجرة عائشة خلاف ما اعتادوه من الدفن في الصحراء لئلا يصلي أحد عند قبره ويتخذه مسجدا فيتخذ قبره وثنا هذا ليس بصحيح وإنما دفنوه في حجرة عائشة لما روي لهم أن
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»