ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى ويقول حكاية العتبى ثم يتقدم إلى رأس القبر فيقف بين القبر والأسطوانة التي هناك ويستقبل القبلة ويحمد الله تعالى ويمجده ويدعو لنفسه ولوالديه ومن شاء بما أحب وحاصله أن استقبال القبلة في الدعاء حسن واستقبال القبر أيضا حسن لا سيما حالة الاستشفاع به ومخاطبته ولا أعتقد أن أحدا من العلماء كره ذلك ومن ادعى ذلك فليثبته (وقوله) إن الحكاية عن مالك مكذوبة فقد قدمنا أن هذه الحكاية رواها القاضي عياض عن القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الأشعري وأبي القاسم أحمد بن تقي الحاكم وغير واحد فيما أجازوه قالوا حدثنا أحمد بن عمرو بن دلهاث حدثنا علي بن بهز حدثنا محمد بن أحمد بن أبي الفرج حدثنا أبو الحسن عبد الله ابن المنتاب حدثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا ابن حميد قال ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرها إلى أن قال أبو جعفر يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله تعالى * هكذا ذكرها القاضي عياض في الشفاء في الباب الثالث في تعظيم أمره ووجوب توقيره وبره صلى الله عليه وسلم ولم يعقبها بإنكار ولا قال إن مذهبه بخلافها بل قال في الباب الرابع في فصل في حكم زيارة قبره قال مالك في رواية ابن وهب وهو إذا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة ويدنو ويسلم ولا يمس القبر بيده فهذا نص عن مالك من طريق أجل أصحابه وهو عبد الله بن وهب أحد الأئمة الأعلام صريح في أنه يستقبل عند الدعاء القبر لا القبلة وذكر القاضي عياض أنه قال في المبسوط لا أرى أن يقف عند القبر يدعو ولكن يسلم ويمضي قلت فالاختلاف بين المبسوط ورواية ابن وهب في كونه يقف للدعاء أولا وليس في الاستقبال وقد
(١٢٨)