تطهير الفؤاد - الشيخ محمد بخيت الحنفي - الصفحة ١١٤
التي لا يتحقق بها المقصود ليس لنا أن نجري حكم المقصود عليها إلا بنص من الشارع فإن هذا من باب سد الذرائع الذي لم يقم عليه دليل فالمفضي إلى الشرك حرام بلا إشكال وأما الأمور التي قد تؤدي إليه وقد لا تؤدي فما حرمه الشرع منها كان حراما وما لم يحرمه كان مباحا لعدم استلزامه للمحذور وهذه الأمور التي نحن فيها من هذا القبيل حرم الشرع منها اتخاذ القبور مساجد والتصوير والعكوف على القبور وأباح الزيارة والسلام والدعاء وكل عاقل يعلم الفرق بينهما ويتحقق أن النوع الثاني إذا فعل مع المحافظة على آداب الشريعة لا يؤدي إلى محذور وأن القائل يمنع ذلك جملة سيدا للذريعة متقول على الله وعلى رسوله منتقص ما ثبت لذلك المزور من حق الزيارة (واعلم) أن ههنا أمرين لا بد منهما (أحدهما) وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم ورفع رتبته عن سائر الخلق و (الثاني) أفراد الربوبية واعتقاده أن الرب تبارك وتعالى منفرد بذاته وصفاته وأفعاله عن جميع خلقه فمن اعتقد في أحد من الخلق مشاركة الباري تعالى في ذلك فقد أشرك وجنى على جانب الربوبية فيما يجب لها وعلى الرسول فيما أدى إلى الأمة من حقها ومن قصر بالرسول عن شئ من رتبته فقد جنى عليه فيما يجب له وعلى الله تعالى بمخالفته فيما أوجب لرسوله ومن بالغ في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم بأنواع التعظيم ولم يبلغ به ما يختص بالباري تعالى فقد أصاب الحق وحافظ على جانب الربوبية والرسالة جميعا وذلك هو العدل الذي لا إفراط فيه ولا تفريط ومن المعلوم أن الزيارة بقصد التبرك والتعظيم لا تنتهي في التعظيم إلى درجة الربوبية ولا تزيد على ما نص عليه في القرآن والسنة وفعل الصحابة من تعظيمه في حياته وبعد وفاته وكيف يتخيل امتناعها إنا لله وإنا إليه راجعون وهذا الرجل قد يخيل أن الناس بزيارتهم متعرضون للإشراك بالله تعالى وبنى كلامه كله على ذلك وكل دليل ورد عليه يصرفه إلى غير هذا الوجه وكل شبهة عرضت له يستعين بها
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»