تكون عنده قربة أو مباحة أو معصية فإن كانت معصية فلا حاجة إلى قوله مجرد فإن القولين في سفر المعصية سواء تجرد قصد المعصية أم انضم إليه قصد آخر وإن كان قربة لم يجر فيها القولان بل يقصر بلا خلاف وإن كانت مباحة فالمسافر لذلك له حالتان إحداهما أن يسافر معتقدا أن ذلك من المباحات المستوية الطرفين فيجوز القصر أيضا بلا خلاف ولا إشكال في ذلك كالسفر لسائر الأمور المباحة والثانية أن يسافر معتقدا أن ذلك قربة وطاعة وهذا سيأتي الكلام فيه وعلى تقدير أن يسلم له ما يقول يكون كلامه هنا مطلقا في موضع التفصيل فهو على التقديرين الأولين خطأ صريح ولمي؟ التقدير الثالث خطأ بالإطلاق في موضع التفصيل (السؤال الثاني) أنه بنى كلامه في ذلك على أن هذا السفر مختلف في تحريمه فقد قدمنا إنكار هذا الخلاف وأنه لم يتحقق صحته إلا ما وقع في كلام ابن عقيل وقد قدمنا الكلام عليه وعلى تقدير صحته وعدم تأويله لم يتعرض فيه لقبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن ينقل عنه فيه بخصوصه شئ مع إطباق الناس على السفر إليه وابن تيمية رحمه الله نقل المنع من القصر فيه عن ابن بطة وابن عقيل وطوائف كثيرين من العلماء المتقدمين وهو مطلوب بتحقيق هذا النقل وتبيين هؤلاء الطوائف الكثيرين من المتقدمين (السؤال الثالث) أنه جعل المنع من القصر قول متقدمي العلماء كابن بطة وابن عقيل فجعل ابن عقيل من المتقدمين ثم جعل القول بجواز القصر قول أبي حنيفة رحمه الله وبعض المتأخرين من أصحاب الشافعي وأحمد كالغزالي وغيره والغزالي في طبقة ابن عقيل بل تأخرت وفاته عنه فإن وفاة الغزالي في سنة خمس وخمسمائة ووفاة ابن عقيل في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة فكيف يجعل ابن عقيل من المتقدمين والغزالي من المتأخرين وليس ابن تيمية رحمه الله ممن يخفى عنه طبقتهما فإن كان مراده بجعله ابن عقيل من المتقدمين أن ينفق قوله عند العوام لاختياره إياه ويجعله الغزالي من المتأخرين أن يضعف قوله عند العوام
(١٢٠)