كثيرا جدا أوردت طرفا مقنعا، وأحلت الباقي على الكتاب الكبير. وكنت سلكت في أول الكتاب إيراد الأحاديث بأسانيدها، وعلى ذلك اعتمدت في الجزء الأول والثاني، ثم اختصرت في الجزء الثالث وعدلت عن الابتداء بذكر الراوي الذي أخذت من كتابه وأصله على أن اورد عند الفراغ جملة من الأسانيد يتوصل بها إلى هذه الكتب والاصول حسب ما عملته في كتاب تهذيب الأحكام (1).
ثم بعد أن فرغ (رحمه الله) من ذكر الطرق التي أراد ذكرها قال:
فقد أوردت جملا من الطرق إلى هذه المصنفات والاصول. ولتفصيل ذلك شرح يطول، هو مذكور في الفهارست للشيوخ، فمن أراده وقف عليه من هناك إن شاء الله تعالى (2).
انتهى كلامه، زيد إكرامه.
وما يستفاد من كلامه نور مرقده: أن له طرقا جليلة كثيرة، ومناهج جزيلة خطيرة - غير ما في الكتابين - معلومة مذكورة، معروفة محبورة في فهارست الرجال ذوي الأحوال، وربما كانت أصح وأوضح، وأصرح وأرجح من الطرق التي أوردها فيهما.
وإنما كان يوثر إيراد بعض الطرق وإن كانت مجهولة أو ضعيفة على غيرها تحصيلا لعلو السند في الرواية، لأنه أمر مرغوب فيه، ومطلب مبحوث عنه كما لا يخفى، خاصة في الاصطلاح المقدم، حيث إن الصحة في الأخبار عندهم - شكر الله سعيهم - مبنية على القرائن والأمارات والعلامات والإشارات كما عرفت، دون النظر في رجال السند على ما هو الظاهر.
وأما نحن فلما تعذر علينا معرفة ما أدركوه لبعد العهد الذي بنوا عليه اصطلاحهم وأناروا به مصباحهم، وافتقرنا في الصحة إلي النظر في إسناد الخبر احتجنا إلى التطلع في الطرق الصحيحة، والمناهج الصريحة حيث كانت، وظهرت وبانت. ولا يضرنا