بما آتاه الله من الحكمة والتأييد أن يكون لها خير رجل لزوجه وخير رجل لأهله، وكما كان خير الأنبياء للناس أجمعين، هذا وإن زواجه بها من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم فقد استطاع أن يعيش معها دون أن تشعر لحظة واحدة أنها خسرت من متاع دنياها شيئا، وإذا كانت الأنثى تحلم بالشباب والجمال، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شابا في كل شئ، حتى وهو نبي يوحى إليه، شابا في قوته وهيأته، شابا في حيويته ونشاطه، قد آتاه الله من قوة الشباب ما يعجز عنه أكثر الشباب - وربما كان هذا من خصوصياته - فقد كان الصحابة يرون أن الله قد آتى نبيه قوة أربعين رجلا، لذلك كان يطوف - إذا شاء - في الليلة الواحدة على نسائه كلهن، ويعاشرهن فما يقصر بحق واحدة منهن.
وقد آتاه الله من الحسن والجمال ما لم يؤت مثله أحدا من البشر حتى يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، قال البراء بن عازب رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعا ولقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه) (1).
أما بركة هذا الزواج على عائشة رضي الله عنها فقد حظيت بأعظم الشرف الذي تطمح إليه امرأة عاقلة، فأصبحت زوجا لسيد ولد آدم وخاتم النبيين، وصارت إحدى أمهات المؤمنين يذكرها القرآن بذلك إلى يوم القيامة، ونالت بذلك أعلى منازل الجنة مع أزواجه الطيبات الطاهرات، وقد أنزل الله عز وجل في براءتها من حديث الإفك ثلاث عشرة آية في سورة النور كانت كل آية منها درسا بليغا في تربية الأسرة المسلمة، وإعداد المجتمع المسلم ليكون المجتمع الأمثل في الظهر والفضيلة، وشهد الله عز وجل بأنها الزوجة الطاهرة الطيبة للزوج الطاهر الطيب، فأعظم بها من شهادة، وهنيئا لعائشة شهادة الله وبشارته. (...
والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم