وقد خرج أبو العاص مع قريش في بدر، وكان ممن أسر، فأرسلت السيدة زينب في فدائه عقدا لها أهدته إليها أمها السيدة خديجة - رضي الله عنها - في يوم عرسها، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم تذكر السيدة خديجة ورق رقة شديدة وقال لأصحابه من حوله: " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا " واستجابوا جميعا وأطلق سراح أبي العاص، وشرط عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل زوجته السيدة زينب إلى أبيها في المدينة وقد فعل (1). إلا أن قريشا تعرضت لها عند خروجها من مكة، يقود بها بعيرها كنانة بن الربيع أخو زوجها، وكان أشدهم وقاحة: هبار بن الأسود، ونافع بن عبد قيس، فنحس هبار البعير وروع زينب بالرمح فسقطت من هودجها وكانت حاملا فأجهضت، وتصدى كنانة لهبار ونثر سهامه بين يديه متحديا، فناداه أبو سفيان أن يكف سهامه حتى يكلمه، ثم دنا منه، وحاوره قائلا، خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية، وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا، وما دخل علينا من محن، فيظن الناس أن ذلك عن ذل أصابنا، وأن ذلك ضعف منا ووهن، وأشار عليه أن يرجع بها حتى إذا سكن الناس خرج بها سرا. ورأى كنانة زوجة أخيه تنزف دماؤها وقد ألقت جنينها فرجع بها وبقيت عند أبي العاص أياما ثم رحلت إلى المدينة (2).
أقامت بالمدينة حتى كان شهر جمادى من العام السادس للهجرة،