ووافق الرسول صلى الله عليه وسلم على ما عرضته خولة، فقد ذكر لأبي بكر صدقه وبلاءه فأحب أن يقر به صهرا، وذكر لسودة سبقها إلى الإسلام، وهجرتها مع زوجها إلى الحبشة، وترملها بعد زوجها وابن عمها المهاجر المسلم (السكران بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود العامري) (2) وسواء صحت رواية موته في الحبشة أو رواية موته بمكة بعد العودة من الحبشة فيمن عاد، فإنها أرملة مسنة صابرة، لا تتوقع أن يتزوجها أحد بعد ترملها وهي في تلك السن، ومن لهذه الكسيرة الصابرة يأسو جرحها، ويؤنس وحدتها إلا النبي الكريم، لا يتزوج كسائر الناس فحسب، وإنما لوصل الوشائج وجبر الكسر، ورحمة الحزين.
وتمت الخطبة والزواج في يسر وقلة كلفة بسودة، التي أخذتها الفرحة حتى نسيت رزانة الكهولة، وكيف لا تفرح وتخف وقد أوشكت أن تصير زوجة لأكرم الناس وشريف قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، إنها ستصبح زوجا للنبي الذي تصلي وتسلم عليه في كل صلاة، محمد الذي تتقطع الأعناق دون التطلع إلى مكانته وشرفه عند الله وعند الناس صلى الله عليه وسلم.
وقد رضيها صلى الله عليه وسلم زوجا وأكرمها واحترمها، وانتقلت إلى بيته في مكة.
وكانت امرأة طيبة القلب ضخمة الجسم حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضاحكها إذا رآها تمشي على حالتها تلك.
ولقد أحست بعد أن جاءت وبقية الزوجات الكريمات - رضي الله عنهن جميعا - إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم أنهن أكثر شبابا وجمالا وخفة حركة، ورأت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ذلك يعدل في القسط بينهن، إلا أنها