الحسين رضي الله عنه.
ولقد عرضت الدنيا على رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلد فيها فاختار لقاء الله عز وجل، ورفض أن يكون ملكا رسولا وآثر أن يكون عبدا رسولا يشبع فيحمد الله، ويجوع فيصبر لله، " وتوفي صلى الله عليه وسلم وما في بيته شئ يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي " (١).
ولقد كانت الجريمة في قتل الحسين رضي الله عنه كبيرة شنيعة قبيحة أشد القبح، تكاد تنفطر لها السماء وتتصدع لها الأرض وتخر الجبال هدا، ولكن لا ينبغي لذلك أن يدفعنا إلى اجترار الأسى، وإثارة الحقد وتفريق الصف وتكريس الاختلاف، فذلك ماض قد انقضى، وقضاء قد وقع، وكل أفضى إلى ما قدم، والله عز وجل هو الحسيب والعليم بالنيات وكفى بالله حسيبا.
وليس الحسين رضي الله عنه أول من قتل مظلوما، فقد قتل قبله أبوه علي رضي الله عنه وهو الخليفة الراشد الزاهد، ومن قبل قتل الخليفة الراشد عثمان بن عفان مظلوما صابرا، ولم يأذن للصحابة بالدفاع عنه لئلا يسفك بسببه دم مسلم، واستشهد قبل عثمان عمر الفاروق وهو يصلي بالناس الفجر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إماما وخليفة للمسلمين وهو أفضل الأمة بعد أبي بكر رضي الله عنه، وقتل في معركة الجمل على يد هؤلاء البغاة وبتحريضهم ألوف الصحابة، وفيهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وهما من العشرة المبشرين بالجنة ".
ومن قبل حكم الأريسيون من اليهود على نبي الله عيسى بن مريم بالصلب والقتل، وهموا بما لم يفعلوا فرفعه الله تعالى إليه حيا بجسمه وروحه، وصلب اليهود عدو المسيح الذي ألقى الله شبهه عليه، وظنوا أنهم قتلوه وصلبوه ﴿وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم﴾ (2) ومن قبل عيسى قتل اليهود أنبياء كثيرين ظلما وعدوانا، وقد حكى