ولا لتمنيه ولا لتطاوله ولا لتقعد له عندي شافعا. انظر فإن نزل الحسين وأصحابه على الحكم فابعث بهم إلي، فإن أبوا فازحف عليهم حتى تقتلهم ومثل بهم فإنهم لذلك مستحقون، فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره فإنه عاق شاق قاطع ظلوم، فإن أنت مضيت لأمرنا جزيناك جزاء السامع المطيع، وإن أنت أبيت فاعتزل جندنا وخل بين شمر وبين العسكر.
فلما أتاه الكتاب أمر الجيش بالركوب وذلك بعد العصر وأخبر الحسين بما جاء به أمر ابن زياد فاستمهلهم الحسين إلى الغداة فلما أمسوا قام الحسين ومن معه الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون فلما صلى عمر الغداة يوم السبت وقيل يوم الجمعة يوم عاشوراء اتصل القتال فاقتتلوا وأحاطوا بالحسين من كل جانب ونادى الحسين يا أهل الكوفة ما رأيت أعذر منكم قبحا لكم وتعسا لكم، الويل ثم الويل استصرختمونا فأتيناكم وأسرعتم إلى بيعتنا سرعة الذباب ولما أتيناكم تهافتم تهافت الفراش وسللتم علينا سيوف أعدائنا من غير عدل أفشوه فيكم، ولا ذنب منا كان إليكم، ألا لعنة الله على الظالمين. ثم حمل عليهم وظل القتال إلى الظهر فصلى ثم عاد القتال بعد الظهر وقتل أكثر من معه.
وحارب بين يديه يزيد بن الحارث حتى قتل كما كان في جيش عمر بن سعد الحر بن زياد الرياحي فانحاز إلى الحسين ونادى يا بن رسول الله كنت أول من خرج عليكم وأنا الآن من حزبك لعلي أنال شفاعة جدك وقاتل بين يدي الحسين حتى قتل وبقي الحسين وحده يقاتلهم إلى أن أثخنوه بالجراح وغلب عليه العطش إلى أن سقط إلى الأرض وضربه رجل من كنده على رأسه بالسيف فأدماه فأخذ الحسين دمه بيده وصبه في الأرض وقال اللهم إن كنت حبست النصر عنا من السماء فاجعل ذلك لما هو خير لنا وانتقم من هؤلاء الظالمين، واشتد عطشه فدنا ليشرب فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع