في فمه فتلقى الدم في يده وقال اللهم اقتل حصينا عطشا. قال العلامة الأجهوري: فابتلي بالحر في بطنه والبرد في ظهره وصار يوضع بين يديه الثلج والمرواح ويوضع خلفه الكانون وهو يصيح من الحر والعطش والبرد وصار يؤتى بالماء واللبن فيشربه فلا يروى إلى أن قد بطنه ومات بعد موت الحسين بأيام.
ولما ضعف جسم الحسين عن النهضة بالجراحات حمد الله وأثنى عليه ثم قال: اللهم إني أشكو إليك ما يصنع بابن بنت نبيك، اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تبق منهم أحدا.
وأعرض الناس عن قتل الحسين كل يريد أن يكفيه غيره فنادى فيهم شمر بن ذي الجوشن ويحكم ماذا تنتظرون اقتلوه ثكلتكم أمكم فحملوا عليه من كل جانب فضربه صرعة بن شريك التميمي على كفه اليسرى ثم إن سنان بن أنس النخعي حمل عليه في تلك الحالة وطعنه برمح فنزل عليه شمر ذي الجوشن وذبحه وساعده خولي بن يزيد الأصبحي من حمير فحز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد وأنشد:
أوقر ركابي فضة وذهبا * * إني قتلت الملك المحجبا قتلت خير الناس أما وأبا * * وخيرهم إذ ينسبون نسبا وسلب شمر ما كان على الحسين ومال الناس على منزله فانتهبوا ثقله ومتاعه وما على النساء وداسوا الحسين بخيولهم حتى وطئوا ظهره وصدره كما أمر ابن زياد وكان عدد من قتل من أصحاب الحسين اثنين وسبعين وقتل من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانون غير الجرحى.
وحملوا الرأس الشريف إلى ابن زياد، ولما وضع رأس الحسين بين يديه جعل ينكت ثناياه بقضيب ويدخله أنفه، فبكى أنس بن مالك وكان حاضرا كما رواه الترمذي وغيره.