فقال الحر: إنا أمرنا إذا نحن لقيناك أن لا نفارقك حتى نقدم بك إلى الكوفة على عبيد الله بن زياد.
وأدرك الحسين عظم المكر وهول الخديعة، فعرض على عمر بن سعد قائد جيش ابن زياد أن يدعه يعود من حيث جاء، أو يتركوه يسير مجاهدا في سبيل الله، أو يدعوه يذهب إلى يزيد في دمشق، فأبوا عليه إلا أن ينزل على حكم ابن زياد وأبى الحسين ذلك أشد الإباء (1) فما يليق بسبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن الخليفة الراشد أن يسلم نفسه إسلام الذليل، وعزم على القتال مجتهدا معتقدا أنه على الحق، وأنهم على الباطل وأنه إن قتل في مقاومة الظلم كان ذلك أعذر له عند الله عز وجل.
وقال الحسين: خذلتنا شعيتنا، فمن أحب منكم الانصراف فلينصرف من غير حرج عليه وليس عليه وليس عليه منا ذمام (2)، فتفرق أكثر الناس من حوله حتى بقي في أهله وأصحابه الذين جاءوا معه من مكة، وكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون علام يقدمون، وقد علم أنه إذا بين لهم الأمر لم يصحبه إلا من يريد مواساته في الموت معه.
وقال قوم للحسين: قد علمنا رأيك ورأي أخيك - أي الحسن - فقال: " إني لأرجو أن يعطي الله أخي على نيته في حب الكف وأن يعطيني على نيتي في جهاد الظالمين " (3).
ولم يبق مع الحسين إلا سبعون رجلا منهم شيعته من آل البيت، والتحق بعض من كان معه من مريدي الفتنة بجيش ابن زياد لينجوا