تمهيد لم يجمع الله خلال الكمال البشري كلها إلا لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ومهما يكن من عظمة لغيره فإنها كنسبة الجزء إلى الكل.
ولا شك أنه لم يحدث أن استطاع صديق ولا ولي ولا شهيد ولا تقي أن يحظى بخصال رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا وإنما له بقدر كماله وقربه وتقواه وحبه نصيب يقل أو يكثر، والأمة أخيارها - على مواريث الهدى من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبسها الأبرار من كل جيل موزعة فيهم، بعد أن كانت مجموعة فيه صلى الله عليه وسلم ليكون مثالا للعبد الكامل، والتقي الأمثل، ومهما قيل في أبي بكر من خلال الخير فلن يكون أبدا كرسول الله، مع أنه أفضل الأمة بعد نبيها، ولكل صحابي من نبيه ميراث، فهذا صديق وذلك فاروق وهذا أمين ذلك حواري، وآخر الصادق لهجة، وغيره سابق الفرس أو سابق الروم، وهكذا.
وإذا كانت هذه المواريث مواريث الاتباع والحب والاقتداء، فإنها إذا جمع معها ميراث الرحم والنسب كانت أوضح وأقرب إلى الكمال والفطرة، وأولى الناس بذلك من رسول الله أهل بيته - وأولى أهل بيته بذلك بنوه الأكرمون من ولد فاطمة البتول وابن عمه علي رضي الله عنهما.
وعندما نعرض للسبطين الكريمين، الحسن والحسين سنجد مواريث النبوة تتألق بالسنا البهي في حياتهما، نرى من أمرهما ما كان يدفع كل من يرونهما ويعجبون لعظيم خلقهما، ورائع مواقفهما أن يقولوا: " الله أعلم حيث يجعل رسالته " فقد كانت مواريث النبوة فيهما أروع من أن تنكر، وأوضح من أن تخفى، ولا يذهل عنها إلا من كان في قلبه مرض، وفي بصيرته عمى!!