شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٥٤
قيل قد أجيب على هذا بأجوبة من أحسنها أنه أنكر عليهم ذلك لأنهم احتجوا بمشيئته على رضاه ومحبته وقالوا لو كره ذلك وسخطه لما شاءه فجعلوا مشيئته دليل رضاه فرد الله عليهم ذلك أو أنه أنكر عليهم اعتقادهم أن مشيئة الله دليل على أمره به أو أنه أنكر عليهم بمعارضته شرعه وأمره الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه بقضائه وقدره فجعلوا المشيئة العامة دافعة للأمر فلم يذكروا المشيئة على جهة التوحيد وانما ذكروها معارضين بها لأمره دافعين بها لشرعه كفعل الزنادقة والجهال إذا أمروا أو نهوا احتجوا بالقدر وقد احتج سارق على عمر رضي الله عنه بالقدر فقال وأنا أقطع يدك بقضاء الله وقدره يشهد لذلك قوله تعالى في الآية * (كذلك كذب الذين من قبلهم) * فعلم أن مرادهم التكذيب فهو من قبل الفعل من أين له أن الله لم يقدره أطلع الغيب فان قيل فما يقولون في احتجاج آدم على موسى عليهما السلام بالقدر إذ قال له أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن أخلق بأربعين عاما وشهد النبي صلى الله عليه وسلم أن آدم حج موسى أي غلب عليه بالحجة قيل نتلقاه بالقبول السمع والطاعة لصحته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نتلقاه بالرد والتكذيب للرواية كما فعلت القدرية ولا بالتأويلات الباردة بل الصحيح أن آدم لم يحتج بالقضاء والقدر على الذنب وهو كان أعلم بربه وذنبه بل آحاد بنيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر فإنه باطل وموسى عليه السلام كان أعلم بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم على ذنب قد تاب منه وتاب الله عليه واجتباه وهداه وانما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة فاحتج آدم بالقدر على المصيبة لا على الخطيئة فان القدر يحتج به عند
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»