شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٤٣
فائدة فيها فسلبوا صفة كمال قدرته على كل شيء وأما أهل السنة فعندهم أن الله على كل شيء قدير وكل ممكن فهو مندرج في هذا وأما المحال لذاته مثل كون الشيء الواحد موجودا معدوما في حال واحدة فهذا لا حقيقة له ولا يتصور وجوده ولا يسمى شيئا باتفاق العقلاء ومن هذا الباب خلق مثل نفسه واعدام نفسه وأمثال ذلك من المحال وهذا الأصل هو الايمان بربوبيته العامة التامة فإنه لا يؤمن بأنه رب كل شيء الا من آمن أنه قادر على تلك الأشياء ولا يؤمن بتمام ربوبيته وكمالها الا من آمن بأنه على كل شيء قدير وانما تنازعوا في المعدوم الممكن هل هو شيء أم لا والتحقيق أن المعدوم ليس بشيء في الخارج ولكن الله يعلم ما يكون قبل أن يكون ويكتبه وقد يذكره ويخبر به كقوله تعالى * (إن زلزلة الساعة شيء عظيم) * فيكون شيئا في العلم والذكر والكتاب لا في الخارج كما قال تعالى * (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * قال تعالى * (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) * أي لم تكن شيئا في الخارج وان كان شيئا في علمه تعالى وقال تعالى * (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) * وقوله * (ليس كمثله شيء) * رد على المشبهة وقوله تعالى * (وهو السميع البصير) * رد على المعطلة فهو سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال وليس له فيها شبيه فالمخلوق وان كان يوصف بأنه سميع بصير فليس سمعه وبصره كسمع الرب وبصره ولا يلزم من اثبات الصفة تشبيه إذ صفات المخلوق كما يليق به وصفات الخالق كما يليق به ولا تنف عن الله ما وصف به نفسه وما وصفه به أعرف الخلق
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»