شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ١٥٥
المصائب لا عند المعائب وهذا المعنى أحسن ما قيل في الحديث فما قدر من المصائب يجب الاستسلام له فإنه من تمام الرضى بالله ربا وأما الذنوب فليس للعبد أن يذنب وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب فيتوب من المعائب ويصبر على المصائب قال تعالى * (فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك) * وقال تعالى * (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا) * وأما قول إبليس * (رب بما أغويتني) * انما ذم على احتجاجه بالقدر لا على اعترافه بالمقدر واثباته له ألم تسمع قول نوح عليه السلام * (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون) * ولقد أحسن القائل * فما شئت كان و ان لم أشأ * وما شئت إن لم تشأ لم يكن * وعن وهب بن منبه أنه قال نظرت في القدر فتحيرت ثم نظرت فيه فتحيرت ووجدت أعلم الناس بالقدر أكفهم عنه وأجهل الناس بالقدر أنطقهم به قوله يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا ش هذا رد على المعتزلة في قولهم بوجوب فعل الأصلح للعبد على الله وهي مسألة الهدى والضلال قالت المعتزلة الهدى من الله بيان طريق الصواب والإضلال تسمية العبد ضالا وحكمه تعالى على العبد بالضلال عند خلق العبد الضلال في نفسه وهذا مبني على أصلهم الفاسد أن أفعال العباد مخلوقة لهم والدليل على ما قلناه قوله تعالى * (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) * ولو كان الهدى بيان الطريق لما صح هذا النفي عن نبيه لأنه
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»