شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٩٣
العبد لكن لا يأمره بما يعجز عنه العبد وإذا اجتمعت الإرادة الجازمة والقوة التامة لزم وجود الفعل وعلى هذا ينبني تكليف ما لا يطاق فإن من قال القدرة لا تكون إلا مع الفعل يقول كل كافر وفاسق قد كلف ما لا يطيق وما لا يطاق يفسر بشيئين بما يطاق للعجز عنه فهذا لم يكلفه الله أحدا ويفسر بما لا يطاق للاشتغال بضده فهذا هو الذي وقع فيه التكليف كما في أمر العباد بعضهم بعضا فإنهم يفرقون بين هذا وهذا فلا يأمر السيد عبده الأعمى بنقط المصاحف ويأمره إذا كان قاعدا أن يقوم ويعلم الفرق بين الأمرين بالضرورة قوله وافعال العباد هي خلق الله وكسب من العباد ش اختلف الناس في أفعال العباد الاختيارية فزعمت الجبرية ورئيسهم الجهم بن صفوان السمرقندي أن التدبير في أفعال الخلق كلها لله تعالى وهي كلها اضطرارية كحركات المرتعش والعروق النابضة وحركات الأشجار وإضافتها إلى الخلق مجاز وهي على حسب ما يضاف الشيء إلى محله دون ما يضاف إلى محصله وقابلتهم المعتزلة فقالوا إن جميع الأفعال الاختيارية من جميع الحيوانات بخلقها لا تعلق لها بخلق الله تعالى واختلفوا فيما بينهم أن الله تعالى يقدر على أفعال العباد أم لا وقال أهل الحق أفعال العباد بها صاروا مطيعين وعصاة وهي مخلوقة لله تعالى والحق سبحانه وتعالى منفرد بخلق المخلوقات لا خالق لها سواه فالجبرية غلوا في إثبات القدر فنفوا صنع العبد أصلا كما عملت المشبهة في أثبات الصفات فشبهوا والقدرية نفاة القدر جعلوا العباد خالقين مع الله تعالى ولهذا كانوا مجوس هذه الأمة بل أردأ من المجوس من حيث إن المجوس أثبتوا خالقين
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»