شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٤٩٥
يتغمدني الله برحمة منه وفضل ومما استدل به القدرية قوله تعالى * (فتبارك الله أحسن الخالقين) * قالوا والجزاء مرتب على الأعمال ترتب العوض كما قال تعالى * (جزاء بما كانوا يعملون) * * (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) * ونحو ذلك فأما ما استدلت به الجبرية من قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * فهو دليل عليهم لأنه تعالى أثبت لرسوله صلى الله عليه وسلم رميا بقوله إذ رميت فعلم أن المثبت غير المنفي وذلك أن الرمي له ابتداء وانتهاء فابتداؤه الحذف وانتهاؤه الإصابة وكل منهما يسمى رميا فالمعنى حينئذ والله تعالى أعلم وما أصبت إذ حذفت ولكن الله أصاب وإلا فطرد قولهم وما صليت إذ صليت ولكن الله صلى وما صمت إذ صمت وما زنيت إذ زنيت وما سرقت إذ سرقت وفساد هذا ظاهر وأما ترتب الجزاء على الأعمال فقد ضلت فيه الجبرية والقدرية وهدى الله أهل السنة وله الحمد والمنة فإن الباء التي في النفي غير الباء التي في الإثبات فالمنفي في قوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل الجنة أحد بعمله باء العوض وهو أن يكون العمل كالثمن لدخول الرجل إلى الجنة كما زعمت المعتزلة أن العامل مستحق دخول الجنة على ربه بعمله بل ذلك برحمة الله وفضله والباء التي في قوله تعالى * (جزاء بما كانوا يعملون) * وغيرها باء السبب أي بسبب عملكم والله تعالى هو خالق الأسباب والمسببات فرجع الكل إلى محض فضل الله ورحمته
(٤٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 ... » »»