الاستثناء لإعلامهم بأنهم مع خلودهم في مشيئة الله لأنهم يخرجون عن مشيئته ولا ينافي ذلك عزيمته وجزمه لهم بالخلود كما في قوله تعالى * (ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا) * وقوله تعالى * (فإن يشأ الله يختم على قلبك) * وقوله * (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به) * ونظائره كثيرة يخبر عباده سبحانه أن الأمور كلها بمشيئته ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وقيل إن ما بمعنى من أي إلا من شاء الله دخوله النار بذنوبه من السعداء وقيل غير ذلك وعلى كل تقدير فهذا الاستثناء من المتشابه وقوله * (عطاء غير مجذوذ) * محكم وكذلك قوله تعالى * (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) * وقوله * (أكلها دائم وظلها) * وقوله * (وما هم منها بمخرجين) * وقد أكد الله خلود أهل الجنة بالتأبيد في عدة مواضع من القرآن وأخبر أنهم * (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) * وهذا الاستثناء منقطع وإذا ضممته إلى الاستثناء في قوله تعالى * (إلا ما شاء ربك) * تبين أن المراد من الآيتين استثناء الوقت الذي لم يكونوا فيه في الجنة من مدة الخلود كاستثناء الموتة الأولى من جملة الموت فهذه موتة تقدمت على حياتهم الأبدية وذلك مفارقة للجنة تقدمت على خلودهم فيها والأدلة من السنة على أبدية الجنة ودوامها كثيرة كقوله صلى الله عليه وسلم من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت
(٤٨٢)