والقائلون بأن الأجسام مركبة من الجواهر المفردة لهم في المعاد خبط واضطراب وهم فيه على قولين منهم من يقول تعدم الجواهر ثم تعاد ومنهم من يقول تفرق الأجزاء ثم تجمع فأورد عليهم الإنسان الذي يأكله حيوان وذلك الحيوان أكله انسان فإن أعيدت تلك الأجزاء من هذا لم تعد من هذا وأورد عليهم أن الإنسان يتحلل دائما فماذا الذي يعاد أهو الذي كان وقت الموت فإن قيل بذلك لزم أن يعاد على صورة ضعيفة وهو خلاف ما جاءت به النصوص وأن كان غير ذلك فليس بعض الأبدان بأولى من بعض فادعى بعضهم أن في الإنسان أجزاء أصلية لا تتحلل ولا يكون فيها شيء من ذلك الحيوان الذي أكله الثاني والعقلاء يعلمون أن بدن الإنسان نفسه كله يتحلل ليس فيه شيء باق فصار ما ذكروه في الميعاد مما قوى شبهة المتفلسفة في إنكار معاد الأبدان والقول الذي عليه السلف وجمهور العقلاء أن الأجسام تنقلب من حال إلى حال فتستحيل ترابا ثم ينشئها الله نشأة أخرى كما استحال في النشأة الأولى فإنه كان نطفة ثم صار علقة ثم صار مضغة ثم صار عظاما ولحما ثم أنشأه خلقا سويا كذلك الإعادة يعيده الله بعد أن يبلى كله إلا عجب الذنب كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق ابن آدم ومنه يركب وفي حديث آخر
(٤٦٣)