شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٧٧
القرية وحملته وهو في تلك الحال أن جعل ينوء بصدره وهو يعالج سكرات الموت وتأمل ما قام بقلب البغي من الإيمان حيث نزعت موقها وسقت الكلب من الركية فغفر لها وهكذا العقل أيضا فإنه يقبل التفاضل وأهله في أصله سواء متسوون في أنهم عقلاء غير مجانين وبعضهم أعقل من بعض وكذلك الإيجاب والتحريم فيكون إيجاب دون إيجاب وتحريم دون تحريم هذا هو الصحيح وإن كان بعضهم قد طرد ذلك في العقل والوجوب وأما زيادة الإيمان من جهة الإجمال والتفصيل فمعلوم أنه لا يجب في أول الأمر ما وجب بعد نزول القرآن كله ولا يجب على كل أحد من الإيمان المفصل مما أخبر به الرسول ما يجب على من بلغه خبره كما في حق النجاشي وأمثاله وأما الزيادة بالعمل والتصديق المستلزم لعمل القلب والجوارح فهو أكمل من التصديق الذي لا يستلزمه فالعلم الذي يعمل به صاحبه أكمل من العلم الذي لا يعمل به فإذا لم يحصل اللازم دل على ضعف الملزوم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس المخبر كالمعاين وموسى عليه السلام لما أخبر أن قومه عبدوا العجل لم يلق الألواح فلما رآهم قد عبدوه ألقاها وليس ذلك لشك موسى في خبر الله لكن المخبر وإن جزم بصدق المخبر فقد لا يتصور المخبر به نفسه كما يتصوره إذا عاينه كما قال إبراهيم الخليل صلوات الله على نبينا محمد وعليه * (رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * وأيضا فمن وجب عليه الحج والزكاة مثلا يجب عليه الإيمان ان يعلم ما أمر به ويؤمن بأن الله أوجب عليه
(٣٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 372 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 ... » »»