شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٧٨
ما لا يجب على غيره الإيمان به إلا مجملا وهذا يجب عليه فيه الإيمان المفصل وكذلك الرجل أول ما يسلم إنما يجب عليه الإقرار المجمل ثم إذا جاء وقت الصلاة كان عليه أن يؤمن بوجوبها ويؤديها فلم يتساو الناس فيما أمروا به من الإيمان ولا شك أن من قام بقلبه التصديق الجازم الذي لا يقوى على معارضته شهوة ولا شبهة لا تقع معه معصية ولولا ما حصل له من الشهوة والشبهة أو إحداهما لما عصى بل يشتغل قلبه ذلك الوقت بما يواقعه من المعصية فيغيب عنه التصديق والوعيد فيعصي ولهذا والله أعلم قال صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن الحديث فهو حين يزني يغيب عنه تصديقه بحرمة الزنا وإن بقي أصل التصديق في قلبه ثم يعاوده فإن المتقين كما وصفهم الله بقوله * (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) * قال ليث عن مجاهد هو الرجل يهم بالذنب فيذكر الله فيدعه والشهوة والغضب مبدأ السيئات فإذا ابصر رجع ثم قال تعالى * (وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون) * أي وإخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي ثم لا يقصرون قال ابن عباس لا الإنس تقصر عن السيئات ولا الشياطين تمسك عنهم فإذا لم يبصر بقي قلبه في عمى والشيطان يمده في غيه وإن كان التصديق في قلبه لم يكذب فذلك النور والإبصار وتلك الخشية والخوف تخرج من قلبه وهذا كما أن الإنسان يغمض عينه فلا يرى وإن لم يكن أعمى فكذلك القلب بما يغشاه من رين الذنوب لا يبصر الحق وإن لم يكن أعملى كعمى الكافر وجاء هذا المعنى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»