شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٨١
لفظ أمن له إلا في هذا النوع ولأنه لم يقابل لفظ الإيمان قط بالتكذيب كما يقابل لفظ التصديق وإنما يقابل بالكفر والكفر لا يختص بالتكذيب بل لو قال أنا أعلم أنك صادق ولكن لا أتبعك بل أعاديك وأبغضك وأخالفك لكان كفرا أعظم فعلم أن الإيمان ليس التصديق فقط ولا الكفر التكذيب فقط بل إذا كان الكفر يكون تكذيبا ويكون مخالفة ومعاداة بل تكذيب فكذلك الإيمان يكون تصديقا وموافقة وموالاة وانقيادا ولا يكفي مجرد التصديق فيكون الإسلام جزء مسمى الإيمان ولو سلم الترادف فالتصديق يكون بالأفعال أيضا كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال العينان تزنيان وزناهما النظر والأذن تزني وزناها السمع إلى أن قال والفرج يصدق ذلك ويكذبه وقال الحسن البصري رحمه الله ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني ولكنه ما وقر في الصدور وصدقته الأعمال ولو كان تصديقا فهو تصديق مخصوص كما في الصلاة ونحوها كما قد تقدم وليس هذا نقلا للفظ ولا تغييرا له فإن الله لم يأمرنا بإيمان مطلق بل بإيمان خاص وصفه وبينه فالتصديق الذي هو الإيمان أدنى أحواله أن يكون نوعا من التصديق العام فلا يكون مطابقا له في العموم والخصوص من غير تغير اللسان ولا قلبه بل يكون الإيمان في كلام الشارع مؤلفا من العام والخاص كالإنسان الموصوف بأنه حيوان ناطق ولأن التصديق التام القائم بالقلب مستلزم لما وجب من أعمال القلب والجوارح فإن هذه من لوازم الإيمان التام وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم ونقول إن هذه لوازم تدخل في مسمى اللفظ تارة وتخرج عنه أخرى أو إن اللفظ باق على معناه في اللغة ولكن الشارع زاد فيه أحكاما أو أن
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»