شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٦٦
ولكنه الرجل يصوم ويصلى ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه قال الحسن رضي الله عنه عملوا والله بالطاعات واجتهدوا فيها وخافوا ان ترد عليهم إن المؤمن جمع إحسانا وخشية والمنافق جمع إساءة وامنا انتهى وقد قال تعالى * (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) * فتأمل كيف جعل رجاءهم مع إيمانهم بهذه الطاعات فالرجاء إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله تعالى شرعه وقدرته وثوابه وكرامته ولو أن رجلا له أرض يؤمل ان يعود عليه من مغلها ما ينفعه فأهملها ولم يحرثها ولم يبذرها ورجا أنه يأتي من مغلها مثل ما يأتي من حرث وزرع وتعاهد الأرض لعدة الناس من أسفه السفهاء وكذا لو رجا وحسن ظنه أن يجيئه ولد من غير جماع أو يصير أعلم أهل زمانه من غير طلب العلم وحرص تام وأمثال ذلك فكذلك من حسن ظنه وقوي رجاؤه في الفوز بالدرجات العلى والنعيم المقيم من غير طاعة ولا تقرب إلى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ومما ينبغي أن يعلم أن من رجا شيئا استلزم رجاؤه أمورا أحدها محبة ما يرجوه الثاني خوفه من فواته الثالث سعيه في تحصيله بحسب الإمكان وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأماني والرجاء شيء والأماني شيء آخر فكل راج خائف والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السير مخافة الفوات وقال تعالى * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * فالمشرك لا ترجى له المغفرة لأن الله نفى عنه المغفرة وما سواه من الذنوب في مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»