المغايرة قال تعالى * (آمنوا وعملوا الصالحات) * وغيرها في مواضع من القرآن وقد اعترض على استدلالهم بأن الإيمان في اللغة عبارة عن التصديق بمنع الترادف بين التصديق والإيمان وهب أن الأمر يصح في موضع فلم قلتم إنه يوجب الترادف مطلقا وكذلك اعترض على دعوى الترادف بين الإسلام والإيمان ومما يدل على عدم الترادف أنه يقال للمخبر إذا صدق صدقه ولا يقال آمنه ولا آمن به بل يقال آمن له كما قال تعالى * (فآمن له لوط) * * (فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف) * وقال تعالى * (يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين) * ففرق بين المعدى بالباء والمعدى باللام فالأول يقال للمخبر به والثاني للمخبر ولا يرد كونه يجوز أن يقال ما أنت بمصدق لنا لأن دخول اللام لتقوية العامل كما إذا تقدم المعمول أو كان العامل اسم فاعل أو مصدرا على ما عرف في موضعه فالحاصل أنه لا يقال قد آمنته ولا صدقت له إنما يقال آمنت له كما يقال أقررت له فكان تفسيره بأقررت أقرب من تفسيرة بصدقت مع الفرق بينهما لأن الفرق بينهما ثابت في المعنى فإن كل مخبر عن مشاهد أو غيب يقال له في اللغة صدقت كما يقال له كذبت فمن قال السماء فوقنا قيل له صدقت وأما لفظ الإيمان فلا يستعمل إلا في الخبر عن الغائب فيقال لمن قال طلعت الشمس صدقناه ولا يقال آمنا له فإن فيه أصل معنى الأمن والائتمان إنما يكون في الخبر عن الغائب فالأمر الغائب هو الذي يؤتمن عليه المخبر ولهذا لم يأت في القرآن وغيره
(٣٨٠)