قال إذا زنا العبد نزع منه الإيمان فإذا تاب أعيد إليه وإذا كان النزاع في هذه المسألة بين أهل السنة نزاعا لفظيا فلا محذور فيه سوى ما يحصل من عدوان إحدى الطائفتين على الأخرى والافتراق بسبب ذلك وأن يصير ذلك ذريعة إلى بدع أهل الكلام المذموم من أهل الإرجاء ونحوهم ولى ظهور الفسق والمعاصي بأن يقول أنا مؤمن مسلم حقا كامل الإيمان والإسلام ولي من أولياء الله فلا يبالي بما يكون منه من المعاصي وبهذا المعنى قالت المرجئة لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله وهذا باطل قطعا فالإمام أبو حنيفة رضي الله عنه نظر إلى حقيقة الإيمان لغة مع أدلة من كلام الشارع وبقية الأئمة رحمهم الله نظروا إلى حقيقته في عرف الشارع فإن الشارع ضم إلى التصديق أوصافا وشرائط كما في الصلاة والصوم والحج ونحو ذلك فمن أدلة الأصحاب لأبي حنيفة رحمه الله أن الإيمان في اللغة عبارة عن التصديق قال تعالى خبرا عن إخوة يوسف * (وما أنت بمؤمن لنا) * أي بمصدق لنا ومنهم من ادعى إجماع أهل اللغة على ذلك ثم هذا المعنى اللغوي وهو التصديق بالقلب هو الواجب على العبد حقا لله وهو أن يصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من عند الله فمن صدق الرسول فيما جاء به من عند الله فهو مؤمن فيما بينه وبين الله تعالى والإقرار شرط إجراء أحكام الإسلام في الدنيا هذا على أحد القولين كما تقدم ولأنه ضد الكفر وهو التكذيب والجحود وهما يكونان بالقلب فكذا ما يضادهما وقوله * (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * يدل على أن القلب هو موضع الإيمان لا اللسان ولأنه لو كان مركبا من قول وعمل لزال كله بزوال جزئه ولأن العمل قد عطف على الإيمان والعطف يقتضي
(٣٧٩)