شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٧٥
الإيمان عن الزاني والسارق وشارب الخمر والمنتهب ولم يوجب ذلك زوال اسم الإيمان عنهم بالكلية اتفاقا ولا خلاف بين أهل السنة أن الله تعالى أراد من العباد القول والعمل وأعني بالقول التصديق بالقلب والإقرار باللسان وهذا الذي يعنى به عند إطلاق قولهم الإيمان قول وعمل لكن هذا المطلوب من العباد هل يشمله اسم الإيمان أم الإيمان أحدهما وهو القول وحده والعمل مغاير له لا يشمله اسم الإيمان عند إفراده بالذكر وإن أطلق عليهما كان مجازا هذا محل النزاع وقد أجمعوا على أنه لو صدق بقلبه وأقر بلسانه وامتنع عن العمل بجوارحه أنه عاص لله ورسوله مستحق للوعيد لكن فيمن يقول إن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان من قال لما كان الإيمان شيئا واحدا فإيماني كإيمان أبي بكر الصديق وعمر رضي الله عنهما بل قال كإيمان الأنبياء والمرسلين وجبرائيل وميكائيل عليهم السلام وهذا غلو منه فان الكفر مع الإيمان كالعمى مع البصر ولا شك أن البصراء يختلفون في قوة البصر وضعفه فمنهم الخفش والأعشى و من يرى الخط الثخين دون الدقيق إلا بزجاجة ونحوها ومن يرى عن قرب زائد على العادة وآخر بضده ولهذا والله أعلم قال الشيخ رحمه الله وأهله في أصله سواء يشير إلى أن التساوي إنما هو في أصله ولا يلزم منه بالتساوي من كل وجه بل تفاوت درجات نور لا إله إلا الله في قلوب أهلها لا يحصيها إلا الله تعالى فمن الناس من نور لا إله إلا الله في قلبه كالشمس ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري وآخر كالمشعل
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»