شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٧٤
أبو طالب عنده يكون مؤمنا فإنه قال * ولقد علمت بأن دين محمد * من خير أديان البرية دينا * لولا الملامة أو حذار مسبة * لوجدتني سمحا بذاك مبينا * بل إبليس يكون عند الجهم مؤمنا كامل الإيمان فإنه لم يجهل ربه بل هو عارف به * (قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون) * * (قال رب بما أغويتني) * * (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين) * والكفر عند الجهم هو الجهل بالرب تعالى ولا أحد أجهل منه بربه فإنه جعله الوجود المطلق وسلب عنه جميع صفاته ولا جهل أكبر من هذا فيكون كافرا بشهادته على نفسه وبين هذه المذاهب مذهب آخر بتفاصيل وقيود أعرضت عن ذكرها اختصارا ذكر هذه المذاهب أبو المعين النسفي في تبصرة الأدلة وغيره وحاصل الكل يرجع إلى أن الإيمان إما أن يكون ما يقوم به القلب واللسان وسائر الجوارح كما ذهب اليه جمهور السلف من الأئمة الثلاثة وغيرهم رحمهم الله كما تقدم أو بالقلب واللسان دون الجوارح كما ذكره الطحاوي عن أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله أو باللسان وحده كما تقدم ذكره عن الكرامية أو بالقلب وحده وهو إما المعرفة كما قاله الجهم أو التصديق كما قاله أبو منصور الماتريدي رحمه الله وفساد قول الكرامية والجهم بن صفوان ظاهر والاختلاف الذي بين أبي حنيفة والأئمة الباقين من أهل السنة اختلاف صوري فإن كون أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب أو جزءا من الإيمان مع الاتفاق على أن مرتكب الكبير لا يخرج من الإيمان بل هو في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه نزاع لفظي لا يترتب عليه فساد اعتقاد والقائلون بتكفير تارك الصلاة ضموا إلى هذا الأصل أدلة أخرى وإلا فقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»