شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٢٣
ولكن يقول لا أدري العرش في السماء أم في الأرض قال هو كافر لأنه انكر أنه في السماء فمن أنكر أنه في السماء فقد كفر وزاد غيره لأن الله في أعلى عليين وهو يدعي من أعلى لا من أسفل انتهى ولا يلتفت إلى من أنكر ذلك ممن ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة فقد انتسب إليه طوائف معتزلة وغيرهم مخالفون له في كثير من اعتقاداته وقد ينتسب إلى مالك والشافعي وأحمد من يخالفهم في بعض اعتقاداتهم وقصة أبي يوسف في استتابة بشر المريسي لما أنكر أن يكون الله عز وجل فوق العرش مشهورة رواها عبد الرحمن بن أبي حاتم وغيره ومن تأول فوق بأنه خير من عباده وأفضل منهم وأنه خير من العرش وأفضل منه كما يقال الأمير فوق الوزير والدينار فوق الدرهم فذلك مما تنفر عنه العقول السليمة وتشمئز منه القلوب الصحيحة فإن قول القائل ابتداء الله خير من عباده وخير من عرشه من جنس قوله الثلج بارد والنار حارة والشمس اضوأ من السراج والسماء أعلى من سقف الدار والجبل أثقل من الحصى ورسول الله أفضل من فلان اليهودي والسماء فوق الأرض وليس في ذلك تمجيد ولا تعظيم ولا مدح بل هو من أرذل الكلام وأسمجه وأهجنه فكيف يليق بكلام الله الذي لو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بمثله لما أتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا بل في ذلك تنقص كما قيل في المثل السائر * ألم تر أن السيف ينقص قدره * إذا قيل أن السيف أمضى من العصا * ولو قال قائل الجوهر فوق قشر البصل وقشر السمك لضحك منه العقلاء للتفاوت الذي بينهما فإن التفاوت الذي بين الخالق والمخلوق أعظم وأعظم بخلاف ما إذا كان المقام يقتضي ذلك بأن كان
(٣٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 ... » »»