شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣١٨
* (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله) * المجادلة أخرجه الدارمي وروى عكرمة عن ابن عباس في قوله * (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم) * قال ولم يستطع أن يقول من فوقهم لأنه قد علم أن الله سبحانه من فوقهم ومن سمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام السلف وجد منه في إثبات الفوقية ما لا ينحصر ولا ريب أن الله سبحانه لما خلق الخلق لم يخلقهم في ذاته المقدسة تعالى الله عن ذلك فإنه الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد فتعين أنه خلقهم خارجا عن ذلك ولو لم يتصف سبحانه بفوقية الذات مع أنه قائم بنفسه غير مخالط للعالم لكان متصفا بضد ذلك لأن القابل للشيء لا يخلو منه أو من ضده وضد الفوقية السفول وهو مذموم على الإطلاق لأنه مستقر إبليس وأتباعه وجنوده فإن قيل لا نسلم أنه قابل للفوقية حتى يلزم من نفيها ثبوت ضدها قيل لو لم يكن قابلا للعلو والفوقية لم يكن له حقيقة قائمة بنفسها فمتى أقررتم بأنه ذات قائم بنفسه غير مخالط للعالم وأنه موجود في الخارج ليس وجوده ذهنيا فقط بل وجوده خارج الأذهان قطعا وقد علم العقلاء كلهم بالضرورة أن ما كان وجوده كذلك فهو إما داخل العالم وإما خارج عنه وانكار ذلك انكار ما هو أجلى وأظهر من الأمور البديهيات الضرورية بلا ريب فلا يستدل على ذلك بدليل إلا كان العلم بالمباينة أظهر منه وأوضح وأبين وإذا كان صفة العلو والفوقية صفة
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»