شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٣٢٦
الضرورة عن أنفسنا قال فلطم أبو المعالي على رأسه ونزل وأظنه قال وبكى وقال حيرني الهمداني حيرني أراد الشيخ أن هذا أمر فطر الله عليه عباده من غير أن يتلقوه من المرسلين يجدون في قلوبهم طلبا ضروريا يتوجه إلى الله ويطلبه في العلو وقد اعترض على الدليل العقلي بإنكار بداهته لأنه أنكره جمهور العقلاء فلو كان بديهيا لما كان مختلفا فيه بين العقلاء بل هو قضية وهمية خيالية والجواب عن هذا الاعتراض مبسوط في موضعه ولكن أشير إليه هنا إشارة مختصرة وهو أن يقال إن العقل إن قبل قولكم فهو لقولنا أقبل وأن رد العقل قولنا فهو لقولكم أعظم ردا فإن كان قولنا باطلا في العقل فقولكم أبطل وإن كان قولكم حقا مقبولا في العقل فقولنا أولى أن يكون مقبولا في العقل فإن دعوى الضرورة مشتركة فإنا نقول نعلم بالضرورة بطلان قولكم وأنتم تقولون كذلك فإذا قلتم تلك الضرورة التي تحكم ببطلان قولنا هي من حكم الوهم لا من حكم العقل قابلناكم بنظير قولكم وعامة فطر الناس ليسوا منكم ولا منا موافقون لنا على هذا فإن كان حكم فطر بني آدم مقبولا ترجحنا عليكم وإن كان مردودا غير مقبول بطل قولكم بالكلية فإنكم إنما بنيتم قولكم على ما تدعون أنه مقدمات معلومة بالفطرة الآدمية وبطلت عقلياتنا أيضا وكان السمع الذي جاءت به الأنبياء معنا لا معكم فنحن مختصون بالسمع دونكم والعقل مشترك بيننا وبينكم فإن قلتم أكثر العقلاء يقولون بقولنا قيل ليس الأمر كذلك فإن الذين يصرحون بأن صانع العالم شيء موجود ليس فوق العالم وأنه لا مباين للعالم ولا حال في العالم طائفة من النظار
(٣٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 ... » »»