شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٨٠
الله كره لكم ثلاثا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال وفي المسند إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يكره أن تؤتى معصيته وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك فتأمل ذكر استعاذته بصفة الرضى من صفة السخط وبفعل المعافاة من فعل العقوبة فالأول الصفة والثاني أثرها المرتب عليها ثم ربط ذلك كله بذاته سبحانه وأن ذلك كله راجع إليه وحده لا إلى غيره فما أعوذ منه واقع بمشيئتك وإرادتك وما أعوذ به من رضاك ومعافاتك هو بمشيئتك وإرادتك ان شئت أن ترضى عن عبدك وتعافيه وان شئت أن تغضب عليه وتعاقبه فإعاذتي مما أكره ومنعه أن يحل بي هي بمشيئتك أيضا فالمحبوب المكروه كله بقضائك ومشيئتك فعياذي بك منك وعياذي بحولك وقوتك ورحمتك مما يكون بحولك وقوتك وعدلك وحكمتك فلا أستعيذ بغيرك من غيرك ولا أستعيذ بك من شيء صادر عن غير مشيئتك بل هو منك فلا يعلم ما في هذه الكلمات من التوحيد والمعارف والعبودية إلا الراسخون في العلم بالله ومعرفته ومعرفة عبوديته فإن قيل كيف يريد الله أمرا ولا يرضاه ولا يحبه وكيف يشاؤه ويكونه وكيف يجمع إرادته له وبغضه وكراهته قيل هذا السؤال هو الذي افترق الناس لأجله فرقا وتباينت طرقهم وأقوالهم فاعلم أن المراد نوعان مراد لنفسه ومراد لغيره فالمراد لنفسه مطلوب
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»