شرح العقيدة الطحاوية - ابن أبي العز الحنفي - الصفحة ٢٨٢
القهرية مثل القهار والمنتقم والعدل والضار والشديد العقاب والسريع العقاب وذي البطش الشديد والخافض والمذل فإن هذه الأسماء والأفعال كمال لا بد من وجود متعلقها ولو كان الجن والإنس على طبيعة الملائكة لم يظهر أثر هذه الأسماء ومنها ظهور آثار أسمائه المتضمنة لحلمه وعفوه ومغفرته وستره وتجاوزه عن حقه وعتقه لمن شاء من عبيده فلولا خلق ما يكرهه من الأسباب المفضية إلى ظهور آثار هذه الأسماء لتعطلت هذه الحكم والفوائد وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم ومنها ظهور آثار أسماء الحكمة والخبرة فإنه الحكيم الخبير الذي يضع الأشياء مواضعها وينزلها منازلها اللائقة بها فلا يضع الشيء في غير موضعه ولا ينزله في غير منزلته التي يقتضيها كمال علمه وحكمته وخبرته فهو أعلم حيث يجعل رسالاته وأعلم بمن يصلح لقبولها ويشكره على انتهائها اليه وأعلم بمن لا يصلح لذلك فلو قدر عدم الأسباب المكروهة لتعطلت حكم كثيرة ولفاتت مصالح عديدة ولو عطلت تلك الأسباب لما فيها من الشر لتعطل الخير الذي هو أعظم من الشر الذي في تلك الأسباب وهذا كالشمس والمطر والرياح التي فيها من المصالح ما هو أضعاف أضعاف ما يحصل بها من الشر ومنها حصول العبودية المتنوعة التي لولا خلق إبليس لما حصلت فإن عبودية الجهاد من أحب أنواع العبودية اليه سبحانه ولو كان الناس كلهم مؤمنين لتعطلت هذه العبودية وتوابعها من الموالاة لله سبحانه وتعالى والمعاداة فيه وعبودية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعبوية الصبر ومخالفة الهوى وإيثار محاب الله تعالى وعبودية التوبة والاستغفار وعبودية
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»