الجهة أمرا وجوديا أو أمرا عدميا فإن أراد بها أمرا وجوديا كان التقرير كل ما ليس في شيء موجود لا يرى وهذه المقدمة ممنوعة ولا دليل على إثباتها بل هي باطلة فان سطح العالم يمكن أن يرى وليس العالم في عالم آخر وان أردت بالجهة أمرا عدميا فالمقدمة الثانية ممنوعة فلا نسلم أنه ليس في جهة بهذا الاعتبار وكيف يتكلم في أصول الدين من لا يتلقاه من الكتاب والسنة وإنما يتلقاه من قول فلان وإذا زعم أنه يأخذه من كتاب الله لا يتلقى تفسير كتاب الله من أحاديث الرسول ولا ينظر فيها ولا فيما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان المنقول إلينا عن الثقات النقلة الذين تخيرهم النقاد فإنهم لم ينقلوا نظم القرآن وحده بل نقلوا نظمه ومعناه ولا كانوا يتعلمون القرآن كما يتعلم الصبيان بل يتعلمونه بمعانيه ومن لا يسلك سبيلهم فإنما يتكلم برأيه ومن يتكلم برأيه وما يظنه دين الله ولم يتلق ذلك من الكتاب فهو مأثوم وإن أصاب ومن أخذ من الكتاب والسنة فهو مأجور وإن أخطأ لكن إن أصاب يضاعف أجره وقوله والرؤية حق لأهل الجنة تخصيص أهل الجنة بالذكر يفهم منه نفي الرؤية عن غيرهم ولا شك في رؤية أهل الجنة لربهم في الجنة وكذلك يرونه في المحشر قبل دخولهم الجنة كما ثبت ذلك في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدل عليه قوله تعالى * (تحيتهم يوم يلقونه سلام) * واختلف في رؤية أهل المحشر على ثلاث أقوال أحدها أنه لا يراه إلا المؤمنون الثاني يراه أهل الموقف مؤمنهم وكافرهم ثم يحتجب عن الكفار ولا يرونه بعد ذلك الثالث يراه مع المؤمنين المنافقون دون بقية الكفار وكذلك الخلاف في تكليمه لأهل الموقف
(٢١٢)