وقوله ولا يشبه قول البشر يعني أنه اشرف وأفصح وأصدق قال تعالى * (ومن أصدق من الله حديثا) * وقال تعالى * (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله) * وقال تعالى * (قل فأتوا بسورة مثله) * فلما عجزوا وهم فصحاء العرب مع شدة العداوة عن الإتيان بسورة مثله تبين صدق الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من عند الله وإعجازه من جهة نظمه ومعناه لا من جهة أحدهما فقط هذا مع أنه قرآن عربي غير ذي عوج بلسان عربي مبين اي بلغة العربية فنفي المشابهة من حيث التكلم ومن حيث التكلم به ومن حيث النظم والمعنى لا من حيث الكلمات والحروف والى هذا وقعت الإشارة بالحروف المقطعة في أوائل السور أي انه في أسلوب كلامهم وبلغتهم التي يخاطبون بها الا ترى أنه يأتي بعد الحروف المقطعة بذكر القرآن كما في قوله تعالى * (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه) * * (ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق) * * (المص كتاب أنزل إليك) * * (الر تلك آيات الكتاب الحكيم) * وكذلك الباقي ينبههم أن هذا الرسول الكريم لم يأتكم بما لا تعرفونه بل خاطبكم بلسانكم ولكن أهل المقالات الفاسدة يتذرعون بمثل هذا إلى نفي تكلم الله به وسماع جبرائيل منه كما يتذرعون بقوله تعالى * (ليس كمثله شيء) * إلى نفي الصفات وفي الآية ما يرد عليهم قولهم وهو قوله تعالى * (وهو السميع البصير) * كما في قوله تعالى * (فأتوا بسورة مثله) * ما يرد على من ينفي الحرف فإنه قال * (فأتوا بسورة) * ولم يقل فأتوا بحرف أو بكلمة وأقصر سورة في القرآن ثلاث آيات ولهذا قال أبو يوسف ومحمد إن أدنى
(٢٠٢)