يفضل نفسه على يونس بن متي ليس فيه نهي المسلمين أن يفضلوا محمدا على يونس وذلك لان الله تعالى قد أخبر عنه أنه التقمه الحوت وهو مليم أي فاعل ما يلام عليه وقال تعالى * (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) * فقد يقع في نفس بعض الناس أنه أكمل من يونس فلا يحتاج إلى هذا المقام إذ لا يفعل ما يلام عليه ومن ظن هذا فقد كذب بل كل عبد من عباد الله يقول ما قال يونس * (أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) * كما قال أول الأنبياء وآخرهم فأولهم آدم قد قال * (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) * وآخرهم وأفضلهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح حديث الاستفتاح من رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيره بعد قوله وجهت وجهي آخره اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغبر لي ذنوبي جميعا لا يغفر الذنوب الا أنت إلى آخر الحديث وكذا قال موسى عليه السلام * (رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم) * وأيضا فيونس صلى الله عليه وسلم لما قيل فيه * (فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت) * فنهى نبينا صلى الله عليه وسلم عن التشبه به وأمره بالتشبه بأولي العزم حيث قيل له * (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل) * فقد يقول من يقول أنا خير من يونس للأفضل أن يفخر على من دونه فكيف إذا لم يكن أفضل فان الله لا يحب كل مختال فخور وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد فالله
(١٧٣)