شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٧٣
وقيل لا لنفسه ولا لعلل وكلام الإمام الرازي في تحقيق إثبات الصفات وتحرير محل النزاع ربما يميل إلى الاعتزال قال في المطالب العالية أهم المهمات في هذه المسألة البحث عن محل الخلاف فمن المتكلمين من زعم أن العلم صفة قائمة بذات العالم ولها تعلق بالمعلوم فهناك أمور ثلاثة الذات والصفة والتعلق ومنهم من زعم أن العلم صفة توجب العالمية وأن هناك تعلقا بالمعلوم من غير أن يبين أن المتعلق هو العلم أو العالمية ليكون هناك أمور أربعة أو كلاهما ليكون هناك أمور خمسة ثم قال وأما نحن فلا نثبت إلا أمرين الذات والنسبة المسماة بالعالمية وندعي أنها أمر زائد على الذات موجود فيه للقطع بأن المفهوم من هذه النسبة ليس هو المفهوم من الذات وأن من اعترف بكونه عالما لم يمكنه نفي هذه النسبة إذ لا معنى للعالم إلا الذات الموصوفة بهذه النسبة ولا للقادر إلا الذات الموصوفة بأنه يصح منه الفعل هذا وقد عرفت أنه لا يجوز أن يكون العلم نفس الإضافة وقد صرح هو أيضا بذلك حيث قال في نهاية العقول لو كان كونه عالما وقادرا مجرد أمر إضافي لتوقف ثبوته على ثبوت المعلوم والمقدور لأن وجود الأمور الإضافية مشروط بوجود المضافين لكن المعلوم قد يكون محالا وقد يكون ممكنا لا يوجد إلا بإيجاد الله المتوقف على كونه عالما قادرا قال لنا وجوه الأول طريقة القدماء وهو اعتبار الغائب بالشاهد وتقريره على ما ذكره إمام الحرمين أنه لا بد في ذلك من جامع للقطع بأنه لا يصح في الغائب الحكم بكونه جسما محدودا بناء على أنا لا نشاهد الفاعل إلا كذلك والجوامع أربعة العلة والشرط والحقيقة والدليل فإنه إذا ثبت في الشاهد كون الحكم معللا بعلة كالعالمية بالعلم أو مشروطا بشرط كالعالمية بالحياة أو تقررت حقيقة في محقق ككون حقيقة العالم من قام به العلم أو دل دليل على مدلول عقلا كدلالة الأحداث على المحدث لزم اطراد ذلك في الغائب وقد ثبت في الشاهد أن حقيقة العالم من قام به العلم وأن الحكم بكون ا لعالم عالما معلل فلزم القضاء بذلك في الغائب وكذا الكلام في القدرة والحياة وغيرهما وهذا احتجاج على المعتزلة القائلين بصحة قياس الغائب على الشاهد عند شرائطه وبكون هذه الأحكام في الشاهد معللة بالصفات كالعالمية بالعلم فلا يتوجه منع الأمرين نعم يتوجه ما قيل أن هذه الأحكام إنما تعلل في الشاهد لجوازها فلا تعلل في الغائب لوجوبها وأن من شرط القياس أن يتماثل أمران فيثبت لأحدهما مثل ما ثبت للآخر وهذه الأحكام مختلفة غائبا وشاهدا بالقدم والحدوث والشمول واللاشمول وغير ذلك وكذا الصفات التي أثبتوها عللا لها وأجيب بأن الوجوب لا ينافي التعليل غايته أنه لا يعلل إلا بالواجب والجائز يعلل بالجائز وأنه لا اختلاف لهذه الأحكام ولا الصفات فيما يتعلق بالمقصود فإن العلم إنما يوجب كون العالم عالما من حيث كونه عالما لا من حيث كونه
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»