شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٦٢
ينافي كون الوجوب ذاتيا بل يستلزم كون الواجب ممكنا حيث تعين بلا وجوب وإن كان بين الوجوب والتعين لزوم فإن كان الوجوب بالتعين لزم تقدم الوجوب على نفسه ضرورة تقدم العلة على المعلول بالوجود والوجوب مع محال آخر وهو كون الوجوب الذاتي بالغير إن جعل التعين زائدا وإن كان التعين بالوجوب أو كلاهما بالذات لزم خلاف المفروض وهو تعدد الواجب لأن التعين المعلول لازم غير متخلف فلا يوجد الواجب بدرنه وإن كان التعين والوجوب بأمر منفصل لم يكن الواجب واجبا بالذات لاستحالة احتياجه في الوجوب والتعين بل في أحدهما إلى أمر منفصل وهو ظاهر (قال الرابع) شروع في طرق المتكلمين فمنها أنها لو وجد إلهان ويتصفان لا محالة بصفات الألوهية من العلم والقدرة والإرادة وغير ذلك فإذا قصدا إلى إيجاد مقدور معين كحركة جسم معين في زمان معين فوقوعه إما أن يكون بهما فلزم مقدور بين قادرين مستقلين بمعنى استقلال كل منهما بإيجاده وقد سبق في بحث العلة امتناع ذلك وإما أن يكون بأحدهما فيلزم الترجح بلا مرجح لأن المقتضي للقادرية ذات الآلة وللمقدورية إمكان الممكن فنسبة الممكنات إلى الإلهين المفروضين على السوية من غير رجحان لا يقال يجوز أن لا يقع مثل هذا المقدور للزوم المحال أو يقع بهما جميعا لا بكل منهما ليلزم المحال لأنا نقول الأول باطل للزوم عجزهما ولأن المانع عن وقوعه بأحدهما ليس إلا وقوعه بالآخر فيلزم من عدم وقوعه بهما وقوعه بهما وكذا الثاني لأن التقدير استقلال كل منهما بالقدرة والإرادة الوجه الخامس أنه لو وجد إلهان بصفات الألوهية فإذا أراد أحدهما أمرا كحركة جسم مثلا فإما أن يتمكن الآخر من إرادة ضده أو لا وكلاهما محال أما الأول فلأنه لو فرض تعلق إرادته بذلك الضد فإما أن يقع مرادهما وهو محال لاستلزامه اجتماع الضدين أو لا يقع مراد واحد منهما وهو محال لاستلزامه عجز الإلهين الموصوفين بكمال القدرة على ما هو المفروض ولاستلزامه ارتفاع الضدين المفروض امتناع خلو المحل عنهما كحركة جسم وسكونه في زمان معين أو يقع مراد أحدهما دون الآخر وهو محال لاستلزامه الترجح بلا مرجح وعجز من فرض قادرا حيث لم يقع مراده وأما الثاني فلأنه يستلزم عجز الاخر حيث لم يقدر على ما هو ممكن في نفسه أعني إرادة الضد والمقدمات كلها بينة سوى هذه فإنها ربما تمنع ويقال لا نسلم أن مخالفة أحدهما للآخر وإرادة ضد ما أراده ممكنة حتى يكون عدم القدرة عليها عجزا وذلك أن الممكن في نفسه ربما يصير ممتنعا بحسب شرط ككون الجسم في هذا الحيز حال الكون في حيز آخر والجواب أن الممكن في ذاته ممكن على كل حال ضرورة امتناع الانقلاب والممتنع فيما ذكرتم من تحيز الجسم هو الاجتماع أعني كونه في آن واحد في حيزين فكذا ههنا يمتنع اجتماع الإرادتين وهو لا ينافي إمكان كل منهما فتعين أن لزوم المحال إنما هو من وجود الإلهين فإن قيل كل
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»