شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٧٢
في الأزل لا أزلية جوازه بمعنى أن يمكن في الأزل وجوده في الجملة وهذا كما يقال أن قابلية الإله لإيجاد العالم متحققة في الأزل بخلاف قابليته لإيحاد العالم في الأزل أي يمكن في الأزل أن يوجده ولا يمكن أن يوجده في الأزل ومبنى الكلام على أن يعتبر الحادث بشرط الحدوث وإلا فلا خفاء في إمكان وجوده في الأزل الرابع أنه لو جاز اتصافه بالحادث لزم عدم خلوه عن الحادث فيكون حادثا لما سبق في حدوث العالم ولمساعدة الخصم على ذلك أما الملازمة فلوجهين أحدهما أن المتصف بالحادث لا يخلو عنه وعن ضده وضد الحادث حادث لأنه منقطع إلى الحادث ولا شيء من القديم كذلك لما تقرر أن ما ثبت قدمه امتنع عدمه وثانيهما أنه لا يخلو عنه وعن قابليته وهي حادثة لما مر من أن أزلية القابلية تستلزم جواز أزلية المقبول فيلزم جواز أزلية الحادث وهو محال وكلا الوجهين ضعيف أما الأول فلأنه إن أريد بالضد ما هو المتعارف فلا نسلم أن لكل صفة ضدا وأن الموصوف لا يخلو عن الضدين وإن أريد مجرد ما ينافيه وجوديا كان أو عدميا حتى أن عدم كل شيء ضد له ويستحيل الخلو عنهما فلا نسلم أن ضدا الحادث حادث فإن القدم والحدوث إن جعلا من صفات الموجود خاصة فعدم الحادث قبل وجوده ليس بقديم ولا حادث وإن أطلقا على المعدوم أيضا باعتبار كونه غير مسبوق بالوجود أو مسبوقا به فهو قديم وامتناع زوال القديم إنما هو في الموجود لظهور زوال العدم الأزلي لكل حادث وأما الثاني فلأن القابلية اعتبار عقلي معناه إمكان الاتصاف ولو سلم فأزليتها إنما تقتضي أزلية جواز المقبول أي إمكانه لا جواز أزليته ليلزم المحال وقد عرف الفرق قال الفصل الثالث في الصفات الوجودية لا خفاء ولا نزاع في أن اتصاف الواجب بالسلبيات مثل كونه واحدا مجردا ليس في جهة وحيز لا يقتضي ثبوت صفات له وكذا بالإضافات والأفعال مثل كونه العلي والعظيم والأول والآخر والقابض والباسط والخافض والرافع ونحو ذلك وإنما الخلاف في الصفات الثبوتية الحقيقية مثل كونه العالم والقادر فعند أهل الحق له صفات أزلية زائدة على الذات فهو عالم له علم وقادر له قدرة وحي له حياة وكذا في السميع والبصير والمتكلم وغير ذلك مع اختلاف في البعض وفي كونها غير الذات بعد الاتفاق على أنها ليست عين الذات وكذا في الصفات بعضها مع بعض وهذا لفرط تحرزهم عن القول بتعدد القدماء حتى منع بعضهم أن يقال صفاته قديمة وإن كانت أزلية بل يقال هو قديم بصفاته وآثروا أن يقال هي قائمة بذاته أو موجودة بذاته ولا يقال هي فيه أو معه أو مجاورة له أو حالة فيه لإيهام التغاير وأطبقوا على أنها لا توصف بكونها أعراضا وخالف في القول بزيادة الصفات أكثر الفرق كالفلاسفة والمعتزلة ومن يجري مجراهم من أهل البدع والأهواء وسموا القائلين بها بالصفاتية ثم اختلفت عباراتهم فقيل هو حي عالم قادر لنفسه وقيل بنفسه وقيل لكونه على حالة هي أخص صفاته
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»