شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٧٤
عرضا أو حادثا أو نحو ذلك الوجه الثاني أن الله تعالى عالم وكل عالم فيه علم إذ لا يعقل من العالم إلا ذلك وكذا القادر وغيره وتقرير آخر أن لله تعالى معلوما وكل من له معلوم فله علم إذ لا معنى للمعلوم إلا ما تعلق به العلم فإن قيل سلمنا أن له علما لكن لم لا يجوز أن يكون علمه نفس ذاته لا زايدا عليه وكذا سائر الصفات قلنا لأنه يلزم منه محالات أحدها أن لا يكون حمل تلك الصفات على الذات مفيدا بمنزلة قولنا الإنسان بشر والذات ذات والعالم عالم والعلم علم وثانيها أن يكون العلم هو القدرة والقدرة هي الحياة وكذا البواقي من غير تمايز أصلا لأنها كلها نفس الذات فينتظم قياس هكذا العلم هو الذات والذات هو القدرة لأن القدرة إذا كانت نفس الذات كان الذات نفس القدرة ضرورة وثالثها أن يجزم العقل بكون الواجب عالما قادرا حيا سميعا بصيرا من غير افتقار إلى إثبات ذلك بالبرهان لأن كون الشيء نفسه ضروري ورابعها أن يكون العلم مثلا واجب الوجود لذاته قائما بنفسه صانعا للعالم معبودا للعباد حيا قادرا سميعا بصيرا إلى غير ذلك من الكمالات وليس كذلك وفاقا حتى صرح الكعبي بأن من زعم أن علم الله يعبد فهو كافر فإن قيل يكفي في عدم لزوم هذه المحالات كون المفهوم من الذات غير المفهوم من الصفات وكون المفهوم من كل صفة مغايرا للمفهوم من الأخرى وهذا لا نزاع فيه ولا يستلزم الزيادة بحسب الوجود كما هو المطلوب ألا ترى أن حمل مثل الكاتب والضاحك والعالم والقادر على الإنسان مفيد وربما يحتاج إلى البيان مع اتحاد الذات وعدم لزوم كون الكتابة هو الضحك أو الضاحك والناطق قلنا ليس الكلام في العالم والقادر والحي ونحو ذلك مما يحمل على الذات بالمواطأة بل في العلم والقدرة والحياة ونحوها مما لا يحمل إلا بالاشتقاق فإنها إذا كانت نفس الذات كان لزوم المحالات المذكورة ظاهرا فإن قيل إنما يلزم ذلك لو لم تكن الذات مع الصفات وكذا الصفات بعضها مع البعض متغايرة بحسب الاعتبار وإن كانت متحدة بحسب الوجود وذلك بأن تكون الذات من حيث التعلق بالمعلومات عالما بل علما ومن حيث التعلق بالمقدورات قادرا بل قدرة ومن حيث كونه بحيث يصح أن يعلم ويقدر حيا بل حياة وعلى هذا القياس ويكون معنى الحمل أن الذات متعلق بالمعلومات وبالمقدورات مثلا ولا خفاء في إفادته وافتقاره إلى البيان ولا في تمايز الاعتبارات بعضها عن البعض من غير تكثر في الذات أصلا بحسب الوجود وهذا كما أن الواحد نصف للاثنين ثلث للثلاثة ربع للأربعة وهكذا إلى غير النهاية مع أن الموجود واحد لا غير والحمل مفيد والنصفية متميزة عن الثلثية قلنا كون الذات نفس التعلق الذي هو العلم والقدرة مثلا ضروري البطلان ككون الواحد نفس النصفية والثلثية وإنما هو عالم وقادر فيبقى الكلام في مأخذ الاشتقاق أعني العلم والقدرة وأنه لا بد أن يكون معنى وراء الذات لا نفسه ولا يفيدك تسميته بالتعلق لأن مثل العلم والقدرة ليس
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»