شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ٦٦
ذلك لمخصص ويلزم الترجح بلا مرجح إن كان لا لمخصص الرابع أنه لو كان جسما لكان متناهيا لما مر في تناهي الأبعاد فيكون مشكلا لأن الشكل عبارة عن هيئة إحاطة النهاية بالجسم وحينئذ إما أن يكون على جميع الأشكال وهو محال أو على البعض دون البعض لمخصص فيلزم الاحتياج أو لا لمخصص فيلزم الترجح بلا مرجح لا يقال هذا وارد في اتصاف الواجب بصفاته دون أضدادها لأنا نقول صفاته صفات كمال يتصف بها لذاته وأضدادها صفات نقص يتنزه عنها لذاته بخلاف الأضداد المتواردة على الأجسام فإنها قد تكون متساوية الأقدام وفي نفي الحيز والجهة وجوه الأول أنه لو كان الواجب متحيزا لزم قدم الحيز ضرورة امتناع المتحيز بدون الحيز واللازم باطل لما مر من حدوث ما سوى الواجب وصفاته الثاني أنه لو كان في مكان لكان محتاجا إليه ضرورة والمحتاج إلى الغير ممكن فيلزم إمكان الواجب ولكان المكان مستغنيا عنه لإمكان الخلاء والمستغني عن الواجب يكون مستغنيا عما سواه بالطريق الأولى فيكون واجبا والمفروض أن الواجب هو المتمكن لا المكان ومبنى الوجهين على أن الحيز موجود لا متوهم الثالث لو كان الواجب في حيز وجهة فإما أن يكون في جميع الأحياز والجهات فيلزم تداخل المتحيزات ومخالطة الواجب بما لا ينبغي كالقاذورات وإما أن يكون في البعض دون البعض فإن كان لمخصص لزم الاحتياج وإلا لزم الترجح بلا مرجح قال وأما المخالفون إجراء الجسم مجرى الموجود مخالف للعرف واللغة ولما اشتهر من الاصطلاحات لكن إطلاق الجوهر بمعنى الموجود القائم بنفسه وبمعنى الذات والحقيقة اصطلاح شائع فيما بين الحكماء فمن ههنا يقع في كلام بعضهم إطلاق لفظ الجوهر على الواجب وفي كلام ابن كرام أن الله تعالى إحدى الذات إحدى الجوهر ومع هذا فلا ينبغي أن يجترأ على ذلك ولا على إطلاق الجسم عليه بمعنى الموجود إما سمعا فلعدم إذن الشارع وإما عقلا فلإيهامه لما عليه المجسمة من كونه جسما بالمعنى المشهور ولما عليه النصارى من أنه جوهر واحد ثلاثة أقانيم على ما سيجيء وأما القائلون بحقيقة الجسمية والحيز والجهة فقد بنوا مذهبهم على قضايا وهمية كاذبة تستلزمها وعلى ظواهر آيات وأحاديث تشعر بها أما الأول فكقولهم كل موجود فهو إما جسم أو حال في جسم والواجب يمتنع أن يكون حالا في الجسم لامتناع احتياجه فتعين كونه جسما وكقولهم كل موجود إما متحيز أو حال في المتحيز ويتعين كونه متحيزا لما مر وكقولهم الواجب إما متصل بالعالم وإما منفصل عنه وأيا ما كان يكون في جهة منه وكقولهم الواجب إما داخل في العالم فيكون متحيزا أو خارج عنه فيكون في جهة منه ويدعون في صحة هذه المنفصلات وتمام انحصارها الضرورة والجواب المنع كيف وليس تركيبها عن الشيء ونقيضه أو المساوي لنقيضه وأطبق أكثر العقلاء على خلافها وعلى أن الموجود إما جسم أو جسماني أوليس بجسم ولا جسماني وكذا باقي التقسيمات
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»