إلى قوم صالحين بقربهم فيهلكون زروعهم وضروعهم ويقتلونهم فجعل ذو القرنين سدا دونهم فيحفرون كل يوم السد حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدا فيعيده الله كما كان حتى إذا بلغت مدتهم حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله فيعودون وهو كهيئة فيحفرونه ويخرجون مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان فيشربون المياه وينحصر الناس منهم في حصونهم ولا يقدرون على إتيان مكة والمدينة وبيت المقدس فيرسل الله عليهم نغفا في أمعائهم فيهلكون جميعا فيرسل طيرا فيلقيهم في البحر ويرسل مطرا فيغسل الأرض وخروجهم يكون بعد خروج الدجال وقتل عيسى إياه فإن قيل بعض هذه الأحاديث يشعر بأن الأمة في آخر الزمان شر الخلق قليل الخير وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره قلنا الشرارة الظاهرة التي لا شك معها في خيرية القرون السابقة إنما هي عند غاية قرب الساعة وحين انقراض زمن التكليف أو كاد على ما ورد في الحديث أنه يمكث عيسى ابن مريم في الناس بعد قتل الدجال سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته ويبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيأمرهم الشيطان بعبادة الأوثان وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور وهذا ما قال صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله وأما في آخر الزمان عند كون الأمة في الجملة على الطاعة والإيمان فلا يبعد كونهم خيرا عند الله وأكثر ثوابا باعتبار انقيادهم وإيمانهم مع الغيبة عن مشاهدة نزول الوحي وظهور المعجزات وهبوط الخيرات والبركات وباعتبار ثباتهم على الإيمان والطاعات والعلوم والمعارف وإرشاد الطوايف مع فساد الزمان وشيوع المنكرات وكساد الفضائل ورواج الرذايل واستيلاء أهل الجهل والعناد والشر والفساد وهذا لا ينافي خيرية القرون الأولى ومن يليهم بكثرة الطاعات والعبادات وصفاء العقائد وخلوص النيات وقرب العهد بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونحو ذلك على ما قال صلى الله عليه وسلم خيرالقرون القرن الذي أنا فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب فإن قيل في أحاديث قرب الساعة ما يشعر بأنها تقوم قريبا كقوله صلى الله عليه وسلم بعثت أنا والساعة كهاتين يعني السبابة والوسطى بل على أنها تكون قبل مائة سنة كقوله صلى الله عليه وسلم يسألوني عن الساعة وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وكقوله صلى الله عليه وسلم لا يأتي ماية سنة وعلى الأرض نفس منفوسة وها نحن اليوم شارفنا ثمان مائة سنة ولم يظهر شيء من تلك العلامات قلنا المراد أن قرب الساعة
(٣١٠)