عائشة رضي الله تعالى عنها في هودج على جمل أخذ بخطامه كعب بن مسور فسمي ذلك الحرب حرب الجمل والمارقون هم الذين نزعوا اليد عن طاعة علي رضي الله تعالى عنه بعدما بايعوه وتابعوه في حرب أهل الشام زعما منهم أنه كفر حيث رضي بالتحكيم وذلك أنه لما طالت محاربة علي رضي الله تعالى عنه ومعاوية بصفين واستمرت اتفق الفريقان على تحكيم أبي موسى الأشعري وعمرو بن العاص في أمر الخلافة وعلي الرضا بما يريانه فاجتمع الخوارج على عبد الله بن وهب الرابسي وساروا إلى النهروان وسار إليهم علي رضي الله تعالى عنه بعسكره وكسرهم وقتل الكثير منهم وذلك حرب الخوارج وحرب النهروان والقاسطون معاوية وأتباعه الذين اجتمعوا عليه وعدلوا عن طريق الحق الذي هو بيعة علي رضي الله تعالى عنه والدخول تحت طاعته ذهابا إلى أنه مالأ على قتل عثمان رضي الله تعالى عنه حيث ترك معاونته وجعل قتلته خواصه وبطانته فاجتمع الفريقان بصفين وهي قرية خراب من قرى الروم على غلوة من الفرات ودامت الحرب بينهم شهورا فسمي ذلك حرب صفين والذي اتفق عليه أهل الحق أن المصيب في جميع ذلك علي رضي الله تعالى عنه لما ثبت من إمامته ببيعة أهل الحل والعقد وظهر من تفاوت ما بينه وبين المخالفين سيما معاوية وأحزابه وتكاثر من الأخبار في كون الحق معه وما وقع عليه الاتفاق حتى من الأعداء إلى أنه أفضل زمانه وأنه لا أحق بالإمامة منه والمخالفون بغاة لخروجهم على الإمام الحق بشبهة هي تركه القصاص من قتلة عثمان رضي الله تعالى عنه ولقوله صلى الله عليه وسلم لعمار تقتلك الفئة الباغية وقد قتل يوم صفين على يد أهل الشام ولقول علي رضي الله تعالى عنه إخواننا بغوا علينا وليسوا كفارا ولا فسقة ولا ظلمة لما لهم من التأويل وإن كان باطلا فغاية الأمر أنهم أخطأوا في الاجتهاد وذلك لا يوجب التفسيق فضلا عن التكفير ولهذا منع علي رضي الله تعالى عنه أصحابه من لعن أهل الشام وقال إخواننا بغوا علينا كيف وقد صح ندم طلحة والزبير رضي الله عنهما وانصراف الزبير رضي الله عنه عن الحرب واشتهر ندم عائشة رضي الله عنها والمحققون من أصحابنا على أن حرب الجمل كانت فلتة من غير قصد من الفريقين بل كانت تهييجا من قتلة عثمان رضي الله عنه حيث صاروا فرقتين واختلطوا بالعسكرين وأقاموا الحرب خوفا من القصاص وقصد عائشة رضي الله عنها لم يكن إلا إصلاح الطائفتين وتسكين الفتنة فوقعت في الحرب وما ذهب إليه الشيعة من أن محاربي علي كفرة ومخالفوه فسقة تمسكا بقوله صلى الله عليه وسلم حربك يا علي حربي وبأن الطاعة واجبة وترك الواجب فسق فمن اجتراآتهم وجهالاتهم حيث لم يفرقوا بين ما يكون بتأويل واجتهاد وبين مالا يكون نعم لو قلنا بكفر الخوارج بناء على تكفيرهم عليا رضي الله عنه لم يبعد لكنه بحث آخر فإن قيل لا كلام في أن عليا أعلم وأفضل وفي باب الاجتهاد أكمل لكن من أين لكم
(٣٠٥)