شرح المقاصد في علم الكلام - التفتازاني - ج ٢ - الصفحة ١٣٥
كيف تكون هذه الفرقة أو محمولا على مجردة السببية دون الإيجاد توفيقا بين الكلامين ومن قوله تعالى * (وما بكم من نعمة فمن الله) * وقوله تعالى * (إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) * أن الإيمان وجميع الطاعات حاصلة من الله وبتكوينه لكونها نعما لنا ومرادة له ومن قوله تعالى * (كتب في قلوبهم الإيمان) * أنه الذي أثبت الإيمان وأوجده في القلوب ومن قوله تعالى * (وأنه هو أضحك وأبكى) * أنه يوجد الضحك والبكاء ومن قوله تعالى * (هو الذي يسيركم في البر والبحر) * أنه الموجد لسيرنا ومن قوله تعالى * (ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله) * أنه الموجد لوقوف الطير في الهواء مع أنه فعل اختياري من الحيوان وأمثال هذه كثيرة جدا * (رب اشرح لي صدري) * * (وما النصر إلا من عند الله) * * (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) * وتأويلات القدرية عدول عن الظاهر بلا ضرورة لما سيأتي من إبطال أدلتهم القطعية قال ومنها ما تواتر الأحاديث الواردة في باب القضاء والقدر وكون الكائنات بتقدير الله ومشيئته وإن كانت آحادا إلا أنها متواترة المعنى كشجاعة علي رضي الله تعالى عنه وجود حاتم وكلها صحاح بنقل الثقاة مثل البخاري ومسلم وغيرهما وإن وقع في بعضها اختلاف رواية في بعض الألفاظ فمنها ما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتج آدم وموسى فقال موسى يا آدم أنت أبونا وأخرجتنا من الجنة فقال آدم يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده تلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة فحج آدم موسى ومنها ما روى علي رضي تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر خيره وشره ومنها ما روى ابن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ومنها ما روى حذيفة أنه قال صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يصنع كل صانع وصنعته ومنها قوله عليه السلام ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أن يقيمه أقامه وإن شاء أن يزيغه أزاغه وعن جابر رضي الله تعالى عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقيل له يا رسول الله أتخاف علينا وقد آمنا بك وبما حدثت به فقال إن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها هكذا وأشار إلى السبابة والوسطى يحركهما والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة قال وأما المعتزلة
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»