ليتم الحصر وفي تقرير المواقف يجوز أن يحمل على المطلق ويبين الملازمة بأنه صادق على كل منفي قال تمسك المخالف القائلون بأن المعدوم الممكن ثابت في الخارج تمسكوا بوجوه الأول أنه متميز وكل متميز ثابت أما الصغرى فلأنه قد يكون معلوما فيتميز عن غير المعلوم ومرادا فيتميز عن غير المراد ومقدورا فيتميز عن غير المقدور وأما الكبرى فلأن التميز عند العقل لا يتصور إلا بالإشارة العقلية بهذا وذاك والإشارة تقتضي ثبوت المشار إليه ضرورة امتناع الإشارة إلى النفي الصرف الثاني أنه ممكن وكل ممكن ثابت لأن الإمكان وصف ثبوتي على ما سيأتي فيكون الموصوف به ثابتا بالضرورة والجواب عن الأول أنه إن أريد أن التميز يقتضي الثبوت في الخارج فممنوع وإنما يلزم لو كان التميز بحسب الخارج وإن أريد في الذهن فلا يفيد وعن الثاني أنا لانم كون الإمكان ثبوتيا بمعنى كونه ثابتا في الخارج بل هو اعتبار عقلي يكفي ثبوت الموصوف به في العقل ثم لا خفاء في أن الممتنعات كشريك الباري واجتماع النقيضين وكون الجسم في آن واحد في حيزين بعضها متميز عن البعض وعن الأمور الموجودة مع أنها منتفية قطعا وأن مثل جبل من الياقوت وبحر من الزئبق من المركبات الخيالية متميز وممكن مع أنها غير ثابتة وفاقا فيورد بالأول معارضة أو نقض على الوجه الأول وبالثاني على الوجهين وقد يورد النقض بالأحوال من الوجود وغيره فإنها مع تميزها ليست بثابتة في العدم إذ لا عدم لها ولا وجود لما سبق من أن الحال صفة للموجود لا موجودة ولا معدومة وفيه نظر لأن قاعدة الخصم ليست سوى أن كل متميز ثابت في الخارج فإن كان موجودا ففي الوجود أو معدوما ففي العدم أو لا موجودا أولا معدوما ففي تلك الحال والوجود وغيره من الأحوال ليس لها حالة العدم أصلا فمن أين يلزم ثبوتها في العدم الثالث أن معنى كون المعدوم الممكن ثابتا في الخارج أن السواد المعدوم مثلا سواد في نفسه سواء وجد الغير أو لم يوجد وبيانه ظاهر لأنه لو كان كونه سوادا بالغير لزم ارتفاع كون السواد سوادا عند ارتفاع الغير واللازم باطل لأنه يستلزم أن لا يبقى السواد الموجود سوادا عند ارتفاع ذلك الغير الذي هو الموجب لكونه سوادا وهو محال والجواب أنا لانم استلزامه لذلك وإنما يلزم لو كان وجود السواد باقيا عند ارتفاع موجب السوادية وهو ممنوع لم لا يجوز أن يكون ارتفاع ذلك الغير كما يوجب ارتفاع سواديته يوجب ارتفاع وجوده لكونه العلة للوجود أو لازمها فإن قيل لو ارتفع عند ارتفاع ذلك الغير سوادية السواد لزم أن لا يكون السواد سوادا وهو بديهي الاستحالة قلنا إن أريد أنه يلزم السلب أي لبس السواد المعدوم سوادا فلانم استحالته وإن أريد العدول أي السواد المتقرر في نفسه لا سواد فلانم لزومه وإنما يلزم لو كان السواد متقررا في نفسه حينئذ فإن قيل الكل شيء ماهية هو بها هو مع قطع النظر عن كل ما عداه لازما كان أو مفارقا فيكون السواد سوادا سواء وجد
(٨٤)